الخميس، 28 أكتوبر 2010

هل من بابطيــن آخــر ؟

حين يوقف شخص جزء كبير من ثروته لينشر الشعر و الأدب و الثقافة و يجيّر كل ذلك بإسم دولته ، و يستقطب إعلام الأدب و السياسة و الدبلوماسية حتى يصل إلي رئيس الدولة ، حين يفعل شخص ما فعله الأديب الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين ، و يقوم لمجهود يعجز عنه الإعلام الخارجي الكويتي و بل حتى وزارة الخارجية و جامعة الكويت و المعاهد الأخرى ، فهل يحرك ذلك شيئا" في وجدان هذه المؤسسات ؟ ألا تشعر هذه المؤسسات الحكومية على الأقل بالغيرة المهنية ؟ أو على الأقل تساهم في نشر هذه الظاهرة الأدبية التي يقيمها هذا الأديب مرة كل سنتين و التي أعلن في خطابه الافتتاحي في سراييفو – البوسنة – بأنه سيقوم بإقامتها مرة كل سنة مع ما يتبع ذلك من كلفة مادية و إدارية و تنظيمية ضخمة عجزت عنها وزارة الإعلام بكل موظفيها و وزرائها المتعددين ؟ ألا يفترض من نائبات مجلس الأمة اللواتي رافقنا في الاحتفالية الأخيرة في البوسنة أن يتنادوا لمطالبة الدولة بدعم الأدب و الثقافة و الفن و أن تتخذ الحكومة – التي هنّ في جيبها الداخلي – بتعزيز هذه التظاهرات الثقافية و إنشاء المسارح و دور الأوبرا و المكتبات في الكويت و أن يتم الاقتداء بهذا الأديب الكبير الذي يستقطع من وقته ليصرف من ماله ما ليس له مردود مادي بقدر حرصه على رفع علم الكويت دوما" و نشر الثقافة و الشعر في وقت أصبح الكل يتجه إلي الماديات بدلا" من الرقي بالروح الإنسانية التي يؤكدها هذا الرجل النبيل و طاقمه الرائع .

شكرا" للأديب عبدالعزيز سعود البابطين ، و ليسمح لي أن أقول معلومة اعلم أنه لا يريد نشرها ، و هي أنه في خلال الغزو العراقي للكويت ذهب هو و أخيه الفاضل عبدالكريم البابطين للقاء رئيس الوزراء المصري آنذاك عاطف صدقي للتبرع ببناء أربعة مدارس في مصر لإستيعاب الطلبة المصريين و الكويتيين الذين لجأوا إلي مصر للدراسة بسبب الغزو ، و أثار ذلك التصرف استغراب القيادة المصرية التي أكدها الرئيس المصري حسني مبارك بقوله لرئيس وزرائه : " هذا شخص يحب مصر و المصريين " و بالفعل أنشأت أربعة مدارس تحمل أسماء الشيخ جابر الأحمد يرحمه الله و الملك فهد يرحمه الله و الرئيس حسني مبارك ، و مدرسة بإسم دولة الكويت .

فبارك الله بك يا بو سعود ، و نتمنى أن تكون مبادرتك دوما" عدوى تنتقل إلي أصحاب الأموال لدينا الذين لا يعلمون أن المال يبقى سيدا" لصاحبه مادام صاحبه بخيلا" به ، و يغدو المال خادما" لمالكه مادام صاحبه يبني به مجدا" و اسما" طيلة الزمان .

ملاحظة : كل الشكر و التقدير لطاقم التنظيم في رحلة البوسنة ، و نخص بالشكر الصديق الدينمو جمال اللهو الذي كان كأم العروس في هذه الاحتفالية الرائعة التي جعلتنا نفخر بكوننا كويتيين حين يقوم أحد أبناء الكويت بكل هذا الجهد الرائع .


صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com

الخميس، 14 أكتوبر 2010

قال كلمته ... و مشـــى

- بدأت علاقتي به عام 1981 حين كتب عني مقالا" بعنوان ( ما أحلى الرجوع إليه ) حين أثيرت قضيتي ضد جامعة الكويت ، لم ألتقه في حياتي قط قبل ذلك ، وكتب كلاما" جميلا" استغرب فيه أن تضع جامعة الكويت نفسها في موقف مواجهة مع طالب حديث التخرج ، اتصلت به هاتفيا" لأشكره ، كان قامة كبيرة ولازال ، لم أتوقع أن يستقبل مكالمتي ، وفعل وطلب مني الحضور إلي مكتبه للتفكير في ما سوف نفعله – استخدم صيغة الجمع لشخص في عمر أبنائه – ذهبت ، استمع إلي جيدا" ، وقرر في لحظة واحدة ، " سوف يقوم مكتبنا بتمثيلك أمام المحكمة " ، خجلت أن أسأل عن الأتعاب ، علمت بعد ذلك أنه أعطى تعليماته بعدم تقاضي أي فلس مني ، كان موقفا" تبناه هو ورفيق دربه المرحوم الصديق عصام بدر العيسى ، وكان لهذين الاثنين فضل عليّ ، لم أجده حتى من أقرب الناس لي ، كسبنا القضية ضد جامعة الكويت وحصلت على مبلغ تعويض متواضع ضدها ، فطلب مني الإنضمام إلي مكتبه للمحاماة ، وهكذا بدأت رحلة كانت من أجمل الفترات في حياتي .
- قبل وفاته بأيام زرته في مكتبه إذ نشغل ذات المبنى – عمارة العنجري ، أخبرته عن نيتي نشر كتاب به بعض مقالاتي الغير منشورة وتمنيت عليه كتابة المقدمة له ، أجابني بإبتسامته الأبوية : " صلاح مالي خلق أقرأ أي شيء ، ولكنني سأكتب لك المقدمة ، لأنني أعلم أنك مشاغب ، وستبقى كذلك " ، زرته في المستشفى ، لم أحظى برؤيته لأسباب طبية ، ورحل تاركا" إرثا" كبيرا" قد لا نستوعبه الآن ، حزني عليه ليس كغيري ، فلولاه ما وصلت إلي ما وصلت إليه ، فأنا مدين إليه ، ويخطئ من يقول أننا فقدناه بموته ، فهو رجل لا نفتقده إذا مات ، لأن سيرته حية بيننا ، ولكننا نفقده إذا متنا نحن ، ويا بو طلال .. يا محمد مساعد الصالح لقد عشت عمرك كله تقول كلمتك .. ومشيت ...

صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com