أعجبني هذا المصطلح الذي يمتلك حقوقه الزميل وليد الجاسم الذي أدخلنا معه إلي نادي " فوق المائة كيلو " مع وصفات الأكل التي تسمن من جوع ، وهو مصطلح لا يقصد به والعياذ بالله أي إدارة حكومية قانونية كانت أم مالية ، ولكنه تشابه للمفردات استطاع الزميل إسقاطها على شوربة القرارات التي تصدر حاليا على شكل إسهال تشريعي ليس له ضابط ، واستذكرت بعد قراءتي لمقال الزميل أيام تعييني في إدارة الفتوى و التشريع في أوائل الثمانينات ، وقد صدر قرار تعييني محاميا بالإدارة في صفحة واحدة مع الزميل عبدالمحسن العثمان الذي كان يرأس القائمة الائتلافية وهي لسان حال الإخوان المسلمين في الجامعة ، ولا نعلم أين أراضيه الآن بعد خروجه من إدارة الأمانة العامة للأوقاف بعد ملاحظات ديوان المحاسبة آنذاك عليها ، أقول صدر قرار تعييننا بيوم واحد ، وكنا كمحامين كويتيين نعد على أصابع اليدين ، تفاجأت بأن العمل الوحيد الذي نقوم به هو قراءة جرائد الصباح وشرب القهوة وتبادل الزيارات بين المكاتب فقد كان الأخوة المصريين يستأثرون بكافة الأعمال القانونية والاستشارات وكان لا يعطي لنا شيء لإبداء الرأي فيه ولم يعجبني ذلك ، واتفقت مع الزملاء الكويتيين ومنهم عبدالمحسن العثمان أن نقوم بإثارة هذا الموضوع مع رئيس الإدارة آنذاك الدكتور عبدالرسول عبدالرضا وهو أستاذ رائع ونبيل وعلى خلق راق ، وجرت العادة أن يكون هناك اجتماع أسبوعي لكل محامي الإدارة مع الرئيس ، واتفقنا على إثارة هذا الموضوع ، وبعد نهاية الاجتماع سأل الدكتور عبدالرسول إن كانت هناك أية أسئلة فإلتفت إلي زملائي الذين كعادة الكويتيين " قطعوا الحبل فيني " فوجدتهم كأن على رؤوسهم الطير ، وهنا نهض الدكتور عبدالرسول من مكانه فرفعت يدي طالبا الكلام ، وبالفعل عاد إلي الجلوس وقلت له بحضور المستشارين المصريين ، " دكتور الأخوة المستشارين لا يرغبون بأن يتعلم المحامون الكويتيين أي شيء فهم لا يوزعون علينا أعمالا أو يطلبون منا استشارات ، فكيف يمكن لنا أن نتعلم منهم ؟ " فوجئ المستشارين المصريين لما أقول وارتسمت ابتسامة كبيرة على وجه الدكتور عبدالرسول والتفت إليهم قائلا : " هذه هي الروح التي أريدها ، من محامي الدولة ، حب المعرفة والجهر بالرأي " ، ثم أخبرهم بصيغة الأمر بضرورة أن يشرف كل مستشار على مجموعة من المحامين الكويتيين لإرشادهم وتعليمهم أصول الصنعه وهو أمر لم يعجب بعضا من الزملاء !! وهكذا كان ....
أقول ذلك وأنا استذكر واقعة حدثت في ذات الإدارة بعد رحيل الدكتور عبدالرسول عبدالرسول وترؤس الزميل سلمان الدعيج رئاسة الإدارة ، حيث أحيل لي طلب من الخطوط الجوية الكويتية بشأن الاستفسار عن حقها في تعيين مدقق حسابات وأن لا تكون خاضعة لديوان المحاسبة وهي فترة قد يأتي الوقت لكتابة ما كان يحدث في الكويتية آنذاك . وبعد البحث واستشارة من هم أكثر مني علما في الإدارة وبالقياس على المؤسسات المتشابهة للكويتية مثل مؤسسة البترول ، انتهى الرأي القانوني بأنه لا يوجد ما يمنع من الاستعانة بمكتب تدقيق خارجي مع ضرورة لقاء ديوان المحاسبة كرقيب أصيل ، وأرسلت الرأي لطباعته ، وبعد فترة قمت بمراجعة أعمالي فوجدت أن الرأي الذي كتبته قد تم تغييره وأرسلت الإدارة رأيا إلي الكويتية لا يلزمها بالخضوع لرقابة ديوان المحاسبة ودون أن أعلم – أنا صاحب الرأي القانوني الرسمي – بأي شيء حول ذلك .
ومنذ ذلك الوقت ، يبدو أن آراء الفتوى القانونية وفتاواها قد تخضع أحيانا للقانون والمنطق ولكنها تخضع لما يبدو مؤخرا للأهواء والتجاوزات الغير قانونية ، وهو ما يؤثر – وللأسف الشديد – على الصورة التي نريدها ونتمناها لهذا الصرح العملاق .
ويا وليد الجاسم ، لقد فتحت شهيتنا ، ولكنك صحيت المواجع والالآم ، التي لا يداويها إلا وجبة مموش لحم ضلوع مع كمشة فقع منثوره عليه في ليالي الشتاء الطويلة .
وكم بالكويت من مآكل ومشارب وفته وتشريب !!
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق