● اختلف تماماﹰ مع زميل الدراسة الدكتور محمد الفيلي في تصريحه الأخير حول عدم وجود إشكال دستوري في أن يقسم رئيس الوزراء بمفرده دون وزرائه أمام سمو الأمير ، ذلك أن المادة (126) من الدستور تنص على " قبل أن يتولى رئيس مجلس الوزراء والوزراء صلاحياتهم يؤدون أمام الأمير اليمين المنصوص عليها في المادة (91) من الدستور "
وقد أتت واو العطف بعد رئيس الوزراء لتجمع الوزراء معه في موقف وتوقيت واحد لأداء القسم ، ولم تكن الواو إلا إتباعاﹰ وجمعاﹰ لما قبلها كما في قواعد اللغة ، وبالتالي قد يصح ما أورده الدكتور الفيلي فيما لو وضع المشرع لفظ " أو " بين الجملتين للاختيار وبالتالي يجوز القول بجواز قسم الرئيس قبل وزرائه .
● هذه واحدة ، والثانية ، فالنص الدستوري وإن كان لم يمنع أن يؤدي رئيس الوزراء قسمه منفرداﹰ إلا أنه في ذات الوقت لم يسمح له وبالرجوع إلي قواعد التشريع وبإعتبار أن العرف الدستوري هو أحد عناصر التشريع ولما كان العرف الدستوري المتكرر طيلة كل الأعوام الماضية منذ أكثر من خمسين عاماﹰ قد أنشأ ما يعرف بالعرف المفسر للمادة لمن يطلب التفسير لمادة ما ، وأنشأ من الجهة المقابلة ما يعرف بالعرف المكمل لنقص في إيضاح مادة أخرى ، بمعنى أن استمرار العرف الدستوري قد أنشأ قاعدة قانونية ملزمة بضرورة أن يقسم رئيس الوزراء مع وزرائه أمام الأمير ، ولا يجوز اختلاق بدعه دستورية جديدة بحجة عدم وجود ما يمنع ، رغم عدم وجود ما يسمح أيضاﹰ مع وجود العرف المسبق .
● هذه ثانية والثالثة ، أن وجود حكومة تصريف أعمال يرئسها رئيس الوزراء السابق لا تجيز قانوناﹰ وجود رئيس وزراء ثان يقسم اليمين وتضفي عليه صفة رئيس وزراء مع وجود حكومة أخرى لازالت تمارس عملها وفق مرسوم قبول الاستقالة ، وبالتالي فإن الحصافة السياسية والدستورية تقضي بأن لا يتم تحميل رئيس الوزراء الجديد وزر تحمل مسئولية أي عمل دستوري أو قانوني أو حتى إداري تقوم به حكومة تصريف الأعمال ، ونكون نحن هنا كأن لدينا حكومة برأسين ، وهو نهج كان موجوداﹰ في فترة سابقة ورأينا نتائجه جلياﹰ .
وبالتالي فإنني أرى أن هناك حلين لهذا الموضوع .
الأول : أن تقبل استقالة الحكومة فعلياﹰ ودستورياﹰ وأن يعلن ذلك بمرسوم أميري دون تكليفها بتسيير الأعمال بإعتبار تطبيق نظرية الموظف الفعلي لحين تشكيل الحكومة الجديدة .
الثاني : أن يتم قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء السابق فقط دون وزرائه وتعيين رئيس الوزراء الحالي رئيسا للوزارة لحين تشكيل الحكومة الجديدة ، وهذا الرأي أيضاﹰ يمكننا أن نسميه بدعة دستورية جديدة رداﹰ على بدعة القسم المنفرد لرئيس الوزراء .
ختاما : نقول أن القضية ليست فذلكه قانونية ، ولكننا لا نعلم سبباﹰ لوجود هذا الجيش الجرار من المستشارين في الدواوين الثلاثة ، الأميري وولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ، وبينهم كما أذكر عميد سابق لكلية الحقوق ، ثم تظهر علينا ممارسات تصطدم بما تعلمناه ودرسناه ، إلا إن كان هؤلاء المستشارون يقومون بكل شيء ماعدا ... تقديم المشورة ...!!
إن قسم رئيس الوزراء بمفرده دون وزرائه بدعة دستورية تضاف إلي البدع الحكومية السابقة والمتوقعة ، واللهم إحمنا من كل هذه البدع الظاهرة منها والباطنة .
للرقيب كلمة :
في دائرتي الانتخابية الثالثة لن أنتخب أي مرشح عليه شبهات مالية أو قانونية ، ففي القضاء يعزل القاضي لمجرد الشبهه ، فما بالك بالمشرع الذي يضع القوانين ؟
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق