من هواياتي التي لازمتني منذ سنوات الدراسة ، قراءة الأحكام القضائية ،والاستمتاع بالمفردات الأدبية واللغة القوية والثرية لاسيما حين تكتب أسباب الحكم في تدرج يؤدي بك – كقارئ لها – إلي استنتاج الحكم ، فكما تقول العرب " الأثر يدل على المسير " والبعره تدل على البعير " ، ومع ذلك استمعت إلي حيثيات حكم الإدانة للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ، ورغم شعوري بأن هذه القضية عولجت سياسيا أكثر منها قانونيا ، إلا أنني كمحام عتيق لم استسغ تبرئه ولديه علاء وجمال بحجة التقادم المسقط للحق القانوني ، ورغم أن السياسي البارز أيمن نور يقول أنه قد تقدم بشكوى جنائية ضدهما في عام 2004 مما يقطع عملية التقادم القانونية إلا أن التذرع بالتقادم ليكون سببا لبراءة يشوبه العديد من المثالب القانونية ، ويحضرني هنا حكم صدر من محكمة التمييز الكويتية رقم 2000/530 بتاريخ 2001/03/19 في قضية دكتورة بولندية حضرت عنها مطالبا برواتبها عن فترة الغزو العراقي البغيض ، ورفضت المحكمة الأولى والاستئنافية الدعوى بحجة التقادم ومضى الوقت حتى أتت محكمة التمييز برئاسة المستشار المغاوري شاهين آنذاك ، وقررت أن علاقة العمل وخوف المدعية " .... وخشيتها من المبادرة إلي رفع دعوى للمطالبة بها خوفا من إنهاء عقدها .. ومن ثم يكون التقادم الذي تمسك به الحاضر عن الحكومة موقوفا طيلة مدة عمل المدعية ..." وبموجب ذلك حكمت المحكمة بإستحقاق موكلتنا لكافة حقوقها الوظيفية مما فتح الباب لآلاف الوافدين الشرفاء الذين رفضوا ترك أعمالهم في فترة الغزو العراقي .
وبالتالي فلا يجوز – في رأيي – إعمال قواعد قانونية مجردة بمعزل عن ظروفها ، فمن كان يجرؤ في عهد الرئيس السابق حسني مبارك أن يرفع دعوى لإختصام ابنيه ؟ أو ينازعهما ، دون أن يفقد وظيفته أو حريته أو حتى حياته ؟
وبالتالي فإن سقوط الدعوى بالتقادم يعني أن المحكمة قد امتنعت بالإدانة ولكنها تقيدت بالقيود الزمنية التي كان يتعين عليها طرحا جانبا .
أتوقع أن ينقضي هذا الحكم ، وأتوقع أن تصدر أحكاما بالحبس ورد الأموال على أبناء الرئيس السابق .
وكله كوم ... وعسى أن يكون ما حدث ويحدث رسالة واضحة لكل رئيس عربي .. وأبنائه وأفراد عائلته .. فهل من متعظ ؟
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق