يبدو
أن زياراتي المتكررة إلي تركيا كانت سببا لكي يكون العنوان كذلك ، ولكنه الحال
الذي لا يسر ، فالكويت أصبحت منقسمة إلي قسمين أو ثلاثة أو ربما أكثر ، والعائلة
الواحدة تجد فيها الرأي وضده ، ودول الجوار بعضها مستاء وبعضها حذر وبعضها خائف
على نفسه وربما علينا وطوائف المجتمع الكويتي طغى بها صوت التقسيم الطائفي والقبلي
البغيض وهو صوت كان خافتا فرفعوه ، وكان ساكنا فأحيوه وكان راكدا فحركوه ، ومع ذلك
فلازلنا نفترض أنه بالإمكان الإصلاح ، ولكن إحياء نزعة الخوف من بعضنا ليست من
الحكمة التي هي ضالة المؤمن ، فتيار السلف يطمح إلي رئاسة مجلس الأمة وأحد رموزه
جاسم العون ينتقد ما حدث من ممارسة حكومية ، باعتبارها الفعل الذي بدأ ولا تعلم
كيف تنهيه ، ويرد عليه قيادي سلفي آخر و لا أقول رمز أو قطب وهو أحمد باقر ويردد
أن رد فعل المعارضة هو سبب خلو الساحة ليملأها تيار آخر بعد مقاطعة القبائل والسنة
!! وهكذا أصبحت مفرداتنا تتراوح وتتأرجح بين السنة والشيعة والبدو والحضر ، في وقت
ينصهر العالم وأفراده في مؤسسة الدولة وسلطاتها ، ولا أزال انظر بدهشة واحترام إلي طاعة مجاميع عريضة من الشعب الكويتي لرموز وشيوخ
القبائل حين يأمرونهم فيطيعون ، ونحمد الله أنهم يأمرونهم على أمر محمود وهو رفض
الاعتداء على الدستور وحقوق وكرامة الناس وبصورة سلمية في ممارسة رائعة على تحمل
المسئولية الوطنية ، وهي ملاحظة استرعت انتباهي ، وبالتالي كان يجب على الحكومة
والسلطة أن تستمع لرأي هذه الرموز الشعبية وشيوخ الدين والقبائل والاتجاهات
السياسية ، فلماذا التجاهل ؟ ولماذا برز الخوف من مكون اجتماعي ضد مكون اجتماعي
آخر ؟ بل إن هذا الخوف رأيته مع بعض الأصداقاء الشيعة حين رفضوا طرحا متطرفا من
المحسوبين عليهم ، بل ورأيت ذات الرفض من مجاميع قبلية وسنية ترفض التطرف من جهتهم
أيضا ؟ وهكذا أصبحنا ، كل يخشى على طائفته وعائلته وبدلا من أن تتوجه الجهود لمواجهة فساد حكومي
مزمن وتنمية مستدامه نطلبها ونستعجلها وأموال هائلة يفترض الحفاظ عليها ، نجدهم قد
جعلونا في مواجهة بعضنا البعض ، نخوّن ونتهم ونسب ونقذف ويضيع الجهد ، ويفوتنا
قطار جميل يسعنا جميعا لو أدركنا أن مصيرنا واحد ، وهمومنا مشتركة ، وإن الرؤية
الأحادية لا تنتج شعبا ينتج أو وطنا يأمن فيه أفراده على أنفسهم وحرياتهم .
لاسيما
حين نرى الحرص على إعلان رفض الحوار العلني والمكشوف ؟ ولماذا لا يجتمع رموز
وأقطاب الأسرة الحاكمة مع الرموز الشعبية في مؤتمر حوار وطني يرعاه صاحب السمو الأمير
ويكلف حكومته بالدفاع عن قراره ؟ ويأتي أصحاب الرأي الآخر بحججهم وأسانيدهم
وكلامهم ، ويعلو الصوت ولكنه داخل القاعات وليس في الشوارع ، وتكون الحجة ردا على
الحجة ، فلا يجوز أن يجتمع الطرفان كلا على حده ، وأن يناقش كل طرف مؤيديه بدلا من
معارضيه ، لنخلق ثقافة الحوار والمخاطبة ، بدلا من ترداد صيحات حماسية لن يكسب
الوطن منها سوى الفرقة والحسرة والخوف من مكون اجتماعي إلي آخر في مرحلة تتسابق فيها
الدول للإنجاز والتعمير وانصهار مكوناتها في بوتقة وطن واحد ونحن لازلنا نعض أصابع
بعضنا البعض لنرى من يصرخ أولا ، ولنتذكر أن أية دماء تسيل بسبب عض الأصابع – حتى
لا نقول أكثر – هي دماء كويتية عزيزة ومقدسة ومحرمة مهما كانت فئة وطائفة واتجاه
صاحبها .
حزين
أنا ياكويت ... فليس ما يحدث هو ما نتمناه لك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق