الأحد، 5 أبريل 2009

ملاحظات إنسانيـة ..على القوانيـن الكويتيـة ..

مقــدمـــــة :
- حين صدر الدستور الكويتي في 11 نوفمبر 1962 و بمواده 183 ، كان زاخرا" بالحقوق الإنسانية و المساواة التي استمدها المشرعون الأوائل من مبادئ الثورة الفرنسية و هي الحرية و العدالة و المساواة ، و لم يتضمن هذا الدستور و الذي يسمى " أبو القوانين " تفرقه أو تمييزا" بسبب الجنس أو اللون أو الدين و أتى هذا واضحا" في نص المادة (7) التي نصت أن : " العدل و الحرية و المساواة دعامات المجتمع ..." و أيضا" نص المادة (29) التي تنص على أن : " الناس سواسية في الكرامة الإنسانية و هم متساوون لدى القانون في الحقوق و الواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين "

- و لما كان الدستور وفق الفقه القانوني هو أعلى درجات القانون بمعنى أنه لا يجوز قانونا" أن يصدر قانونا" أدنى منه يخالفه أو يعارضه أو لا يتفق معه إلا أن التطبيق الفعلي – للأسف الشديد – لهذه النصوص الدستورية الرائعة لم يجد له وجودا" على أرض الواقع و في ذلك هناك العديد من الأمثلة نتطرق إليها كالتالي :
أولا " : صدر قانون الانتخابات الكويتي رقم 35/1962 بصورة أخلت بعدة مبادئ دستورية منها :
1- عدم تضمين القانون السن القانونية للإنتخابات و هو ثمانية عشر عاما" و جعلته واحد و عشرون عاما" بالمخالفة لقانون التجارة أو قيادة السيارة أو فتح الحسابات المصرفية .
2- تم استثناء المتجنس الذي لم يمضي على حصوله على الجنسية الكويتية خمسة و عشرون سنة ميلادية في مخالفة لمبدأ المساواة في المواطنة .
3- اقتصر حق الانتخابات و الترشيح على المذكور فقط دون الإناث في مخالفة واضحة لنص المادة (29) من الدستور .
( ملاحظة : تم السماح للمرأة بالإنتخابات في مجلس 2006 ) .

ثانيا" : صدر المرسوم الأميري في عام 2006 بناء على اقتراح من مجلس الأمة آنذاك بإضافة مادة إلي المرسوم الأميري رقم 15/1959 بشأن قانون الجنسية الكويتية و ذلك بإضافة شرط إضافي للحصول على الجنسية الكويتية و هو مخالف بشدة و يصطدم بنص دستوري آمر على ذات المادة الدستورية رقم (29) و هذا الشرط ينص على أن يكون طالب الحصول على الجنسية مسلما" بالولادة أو أن يكون قد اعتنق الإسلام و أشهر إسلامه قبل خمس سنوات على الأقل ، بل أفصح هذا الشرط عن تعسف واضح ضد الكويتي المسيحي حيث منع تجنيس المسيحيين في تفرقه واضحة بسبب الدين .

ثالثا" : نصت المادة السادسة من قانون الجنسية رقم 44/1994 بأن : " لا يحق لمن كسب الجنسية الكويتية وفقا" لأحكام المواد المذكورة فيه فإن من اكتسب الجنسية الكويتية لا يحق له الانتخاب لأي هيئة سياسية أو الترشيح أو التعيين قبل انقضاء عشرون عاما" من حصوله على الجنسية الكويتية .

رابعا" : تكرر أكثر من مرة وضع الكويت على القائمة السوداء بشأن الإتجار بالبشر أو إساءة معاملة الخدم و ذلك بسبب أن القانون الكويتي قد استثنى من تطبيق أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي العمالة المنزلية أو الخدم و بالتالي انحسرت الحماية القانونية تجاه أكثر من مائتين ألف نسمة في الكويت هم ما يعرف بإسم خدم المنازل ، و بالتالي أصبح مصير هذه العمالة مرتبط بمزاج و تسلط أصحاب البيوت دون وجود قانون واضح يحدد ساعات العمل أو الحد الأدنى للأجور أو منعهم من التحرش الجنسي و خلافه ، و قد تكررت – للأسف الشديد – العديد من القضايا أمام الجهات الأمنية بشأن التعدي الأخلاقي أ المهني أو عدم سداد الأجور إلي هذه الفئة مما يخل إخلالا" واضحا" بالعوامل الأساسية التي يقوم عليها الدستور الكويتي .

خامسا" : نظرا" لتعدد مؤسسات المجتمع المدني في الكويت بشأن الحصول على تراخيص عديدة لإنشاء معابد أو كنائس أو دور عبادة ، فإن أغلب هذه الطلبات بتم رفضها نظرا" لوجود التشدد الديني الذي ازداد في السنوات الأخيرة ، فعلى سبيل المثال تم رفض إنشاء مسجد لطائفة البهرة و هي جزء من الطائفة الإسماعيلية المسلمة ، دون إبداء سبب واضح رغم أن تعدادهم في الكويت يبغ أكثر من ثمانون ألفا" ، أيضا" هناك تشدد واضح في إنشاء كنائس جديدة رغم الحاجة إبيها لزيادة عدد الوافدين غير المسلمين ، مما أدى إلي تدخل مباشر من صاحب السمو أمير الكويت لإعطاء الجاليه المصرية المسيحية – الأقباط – الموافقة على بناء كنائسهم الجديدة ، أيضا" هناك تشدد في ممارسة بعض الشعائر الدينية غير الإسلام جهرا" و علانية مما يضيق المجال أمام أصحاب هذه الديانات بصورة تزداد و وتيرتها عاما" بعد عام .

سادسا" : لازالت بعض الجهات الحكومية تشترط أن يكون الموظف ذكرا" في إعلاناتها الوظيفية رغم كونها مؤسسات حكومية و ذلك بتأثير من التيار الديني المحافظ مما يحرم النساء الكويتيات من تكافؤ الفرص الوظيفية .

سابعـا" : هناك العديد من المخالفات الدستورية في القوانين الكويتية بشأن أحكام المساواة في الحقوق و الواجبات ، و هي أمور قد أنشأت و خلقت حالة من الاستياء لدى المهتمين بحقوق الإنسان ، و رغم وجود محاولات نشطه من قبل بعض جمعيات حقوق الإنسان و مؤسسات المجتمع المدني إلا أنها ليست منظمة أو تعمل بروح الفريق الواحد مما يشتت هذه الجهود ، و يهمني هنا ذكر قصة تبين ما نقول :

- في عام 2004 قمت بصفتي الشخصية كعضو في جمعية حقوق الإنسان الكويتية برصد لإستخدام الأطفال الصغار الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة في سباقات الهجن و هي الجمال التي يملكها أثرياء الكويت ، و لاحظت مدى تعرض هؤلاء الأطفال للخطر من جراء هذه الرياضة ، و بعد التقصي تبين أن معظم هؤلاء الأطفال هم من جنسيات عربية أو آسيوية ( السودان – باكستان ) و الذي يتم اختطافهم من بلدانهم الأصلية و قمنا مع مجموعة من المهتمين بحقوق الإنسان بمخاطبة أعضاء في مجلس الأمة الكويتي و هيئة الشباب و الرياضة الكويتية و وزير الشئون في ذلك الوقت ، و للأسف الشديد لم يقوموا بأي عمل من شأنه وقف هذه الممارسة ، مما دعاني – شخصيا" – إلي التحرك منفردا" و الإتصال بالأمم المتحدة – اليونيسيف و التي حضر مندوبها إلي الكويت و أقمنا مؤتمرا" صحفيا" بشأن ذلك و التي تزامنت مع حملة شاملة ضد هذا الفعل في دولة الإمارات العربية و قطر و السعودية ، و حين تم تحريك القضية دوليا" استجابت الحكومة الكويتية و حكومات خليجية أخرى إلي المناشدة بوقف استغلال الأطفال و تم استعمال الروبوت الآلي في سباق الجمال حتى الآن .

الخاتمة : إن الدساتير و الأنظمة و القوانين قد تكون مثالية أحيانا" عند وضعها و لكن عند التطبيق تظهر العديد من المخالفات التي تصطدم بهذه المثاليات ، و تبقى وسائل الإعتراض السليمة و المدنية و اللجوء إلي المنظمات الدولية من خلال صحافة حرة و ملتزمة هي الوسيلة الأمثل للإرتقاء بالوعي القانوني و الإنساني للإنسان في الخليج سواء شعوبها أو حكوماتها .

صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com

هناك 3 تعليقات:

  1. ان الدستور الكويتى وضع على اهم المبادئ مثل الحريه والعدل والمساواه على كافه الافراد فى المجتمع وذلك منذ دستور 1962ونحن نحترم الدستور بكامل حذافيره ولكن الدساتير والانظمه تكون مثاليه احيانا عند وضعها ولكن عند التطبيق تجد العديد من المخالفات التى تصطدم بهذه المثاليات وتبقى وسائل الاعتراض من خلال الصحافه الحره هى الوسيله الاكثر ارتقاء بالوعى القانونى ..

    ردحذف
  2. ملاحظاتك بمكانها برأيي المتواضع

    والعيب ليس بالدستور بل بمن يطبقه حسب مشتهاه

    ردحذف
  3. والله انكم شباب مخلصين ورجال تخافون على الكويت طالبتوا بالحق اللي خافوا يطالبون فيه كثير من اعضاء المجلس السابق ..

    ردحذف