الاثنين، 24 أغسطس 2009

البيـــان رقم 1001 من القبــس !

جريئة و صادمة و غير متوقعة افتتاحية جريدة القبس اليوم 24/8/2009 ، و جرأة الجريدة و قدرتها على أخذ المبادرة ليست غريبة عنها ، و لكن المفاجأة الجميلة تكمن في أن خمس عائلات كويتية تصنف كعائلات محافظة تمتلك هذه الجريدة قبلت و وافقت أن تتصدر هذه الافتتاحية الصفحة الأولى ، و كأنها البيان الأول بعد الألف بيان الذي سبق و طالبت كل مؤسسات المجتمع المدني به منذ وقت طويل ، ما تقوله القبس ليس كمن يقوله غيرها ، لأنها ببساطة شديدة اختارت الأسلوب الكويتي القديم المحبب إلي النفس و الذي تعود عليه أهل الكويت و منهم آباء و أجداد الملاك لها باللجوء دوما" إلي " العود " بإعتباره حكما" و والدا" قبل أن يكون حاكما" على محكومين اعتادوا طرح رأيهم و رؤيتهم على الحاكم مباشرة قبل وجود كل الأدوات الدستورية الحالية .

- افتتاحية القبس هي صرخة وجهت إلي مكانها الصحيح و في التوقيت المناسب من الإطراف الذين لا يستطيع أحد إدعاء خلاف ما يرونه ، فالعائلات المالكة للجريدة و معهم عشرات الألوف من القراء يبدو أنها شعرت بأهمية إعلاء صوتها بعد تردد طال أمده و هو تردد قد يكون مفهوما" أو مقبولا" حين كان تجاوز التيار الديني يتم عبر أفراد منهم أو محسوبين عليهم أو على ضعف تقدير غير متصادم معهم ، و لكن حين ازداد تشعب التيار الديني المتطرف و ازدادت قوته على حساب الثوابت الكويتية قبل الدستورية و القانونية و هي ثوابت ترسخت مع نشأة الكويت و أهلها ، فأصبحت الحريات في عهد " التتار الجدد " منكمشة و مقيدة ، و أضحت الحقوق المدنية تناقش و تقاس بمدى اقترابها أو ابتعادها عن الشريعة و الدين و كأنهم اكتشفوا الدين حديثا" رغم وجود عشرات المشايخ و علماء الدين ذوي السماحة في تاريخ الكويت السابق و الحاضر و هم أبعد ما يكونون عن التشنج أو التنطع في الدين و هي أمثلة حيه لازالت بيننا لمن أراد بيانا" أكثر ، بل تجاوز الأمر سنامه حين يقف وزير الشؤون الحالي الذي أقسم على احترام القانون و الدستور لكي يصرح في مجلس الأمة بأن قانون تشغيل الإناث ثم إصداره هديا" بالشريعة الإسلامية و نسف بذلك مبدأ المساواة الدستوري ، و لن نسترسل بذكر قبول وزراء آخرين كالداخلية و الدفاع التساهل في مسألة إطالة اللحى للجنود و الشرطة ، أو حتى خلوا المخافر و هيئات التحقيق من موظفيها بحجة الصلاة رغم وجود العديد من الفتاوى بشأن ذلك .

- إن أهمية افتتاحية جريدة القبس ليست حين تم التطرق إلي الممارسات المنفردة كما ذكرنا و لكن أهميتها تكمن بأن التوجه الحالي للضعف الحكومي يهدد في مقتل دولة الحريات المدنية التي أكدها دستور الكويت ، و يجهض بطريقة مباشرة ضرورة كون سلطة الحكم أولا" و الحكومة ثانيا" طرفا" مسئولا" عن حماية الدستور و روحه و حريات المواطنين من خلال ممارستهم لها دون إفراط أو تفريط ، إن مؤسسة الحكم مع مجلس الوزراء هما صمام الأمام لمنع أي تطرف من أية جهة كانت ، حتى لا نصل إلي يوم يحتاج فيه أحدنا إلي الحصول على بركة مشايخ الدين أو رموزهم للحصول على حق أو حتى للإعتداء على حق آخرين كما حدث في قانون منح الجنسية للمسلمين فقط ، إنها صرخة من القبس و لكنها قد تكون صرخة في واد ، إن لم تلق لها صدى من مؤسسات المجتمع المدني و قبلها من مؤسسة الحكم و هذه الحكومة " الرشيدة "

فهل نطمع في أصداء أخرى بذات القوة و الجرأة ؟؟


صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

اللهـــم احمنـــي من أصـدقــائــي - مرة أخرى -

" التيار الليبرالي القبيح " ، كان هذا عنوان مقال كتبه الصديق السابق( Exchang money man ) و هو يعبر فيه عن خيبة أمله التي اكتشفها متأخرا" في التيار الليبرالي الكويتي ، و هو رأي اتفق معه بشده لاسيما بعد مروري بعدة تجارب مع رواد و منظري هذا التيار ، و من أسف بل و من عجب أن أضطر لنشر بعض ممارسات هذا التيار – على الأقل التي عشتها شخصيا" – فقبل سنوات ثلاث كنت أتردد على ذات الديوانية التي ذكرها الزميل و هي التي تضم أئمة الليبرالية الكويتية كما يصنفون أنفسهم ، و كان النقاش يبدو جميلا" و مثاليا" شريطة أن لا يمس أحد من روادها ، فاستغلال السلطة و الواسطة و التجاوز و تبرير بعض الممارسات هو أمر منتقد لدى روادها شريطة كما قلت أن لا تمس روادها و من سذاجتي الليبرالية اعتقدت بأن ما يقال في هذه الديوانية هو ذات ما يقتنع به روادها أو أغلبهم على الأقل حتى لا نقع في فخ التعميم ، و أذكر هنا تجربة مريرة لازلت استذكرها حين تصديت في حينها من خلال جريدة الشعب لمنع ازدواجية العضوية البرلمانية مع الممارسة التجارية أو عضوية أو رئاسة الشركات التجارية المحظورة بالدستور الكويتي ، و هنا يبدو أن تجاوز الخط الأحمر قد ترك أثره على صاحب الديوانية و أحد شركائه العضو البرلماني السابق حيث أعلن راعي الديوانية صراحة و في جمع الحضور بأن من يأتي إليه ليأكل و يشرب يتعين عليه ألا يهاجم أو ينتقد أحد روادها و لو كان مخالفا" للقانون ، و هنا لم أجد مناصا" من الإعلان مباشرة و في ذات المجلس اعتذاري عن استمرار الحضور إلي هذا الديوان و بحضور الزميل صاحب المقال المذكور ، و من عجب أن أغلب الحاضرين التزموا الصمت حيال هذا التعارض مما أصابني بخيبة أمل كبيرة بشأن هذا التيار ، و مع ذلك وجدت لهم العذر ، فالتيار الليبرالي عامة هو تيار يرفض أصحابه الالتزام برأي واحد قد يختلف عليه ، و هي ميزة العقل الليبرالي الذي يرفض القولبة و الانصياع بدون تفكير ، شريطة أن لا يصطدم مباشرة بالمبادئ الأساسية للفكر الليبرالي الذي يرفض الانتهازية و تبرير الأوضاع في تطبيق مقزز لكتاب الأمير لمكيافيللي .

و مع ذلك ، أصبحت لقاءاتي مع بعض رواد هذا الديوان تتكرر في أماكن أخرى ، حتى جمعنا ذات يوم قريب على مائدة سفير دولة عربية ، و دار نقاش حول رئيس الوزراء القادم حيث كانت العزومة قبل التشكيل الوزاري الأخير ، و كان نقاشا" حادا" دفع أحد الحاضرين إلي الاعتذار من السفير الذي أبدجى سعة صدر واضحة بتقبل الخصوصية الكويتية الجميلة ، و كان بحق أكثر ليبرالية من الكثير من جماعتنا ، و بعد فترة من الزمن أثار أحد الزملاء المحامين أنه ورد إليه اتصال من مكتب ديوان رئيس الوزراء و ذلك بعد تعيينه بأنهم يعلمون بكل ما دار في دار السفير من حوار يدور يوميا" في كل دواوين الكويت ، و بدلا" من تبني هذا الموقف المثار المبدئي و أنه رأي النخبة الليبراليةأو البعض منهم ، إلا أن الخوف على المصالح و الرغبة في الظهور بالمظهر اللائق أمام السلطة دفع صاحب الديوانية إلي البحث عن الشخص الذي قام بتسريب هذا الحوار و ألفاظه ، و من أسف أنه أورد اسمي في غيابي رغم أن أكثر الانتقادات التي وجهت لرئيس الوزراء قد صدرت مني و من وزير إعلام سابق كان حاضرا" معنا !!!

لقد اكتشفت و بمرارة أن ما يقال عن هذا التيار الليبرالي ليس فقط قبيحا" كما وصفه الصديق السابق ، بل أنه قد ضرب مثالا" كريها" على الازدواجية التي يعيشها التيار الليبرالي الكويتي ، و هو تيار يفترض به أن يكون قدوة لجيل كامل من الشباب ينتظرون منا أن نكون لهم مثالا" لا أمثولة .

حزين أنا على من يقول ما لا يفعل بالسر ما ينهي هو عن فعله ، ترى هل نلام إذا وافقنا الصديق السابق على عنوان مقاله الذي ابتدأنا به هذا المقال ؟؟


صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com