تتعامل حكومات دولة الكويت مع شعبها كأنهم مرتزقة- تصادر حقوقهم الدستورية- وتفتح لهم حنفية المال، وسوق المناخ شاهد على ذلك، تطمئنهم على مالهم الأمني، وتخفي عنهم حقائق حالهم وترفض التعاون مع الأصدقاء فيغزونا العراق ويشتت شملنا ويقتل أبناءنا في سنوات سبخة وقذرة، مازلنا نتذكرها، يخاطبنا الإعلام الرسمي بكل سذاجة ويعتبرنا كذلك ولا يهتم بوجود ناطق رسمي للحكومة صادق في قوله، يرد بالمقال على ما يناسب المقام، حتى يكفر القوم بإعلامهم الرسمي، ويترك المجال لكل أنواع الإعلام الفاسد منه والطازة... وحتى الإعلام البوشّلاخ، ترى هل نستحق أن نعامل في بلدنا كمرتزقة يدفع لنا من أموال الخزينة العامة حتى يسكت أغلبنا عما نراه من فساد وإفساد؟ سؤال صعب.. إجابته سهلة!!
* * *
لو كانت الكويت ابنا ولد في 2/8/1990، لكان عمره الآن اثنين وعشرين عاما، أي يحق له وفق القانون الكويتي أن يدعي بلوغه سن الرشد، ويحق له قيادة السيارة قبلها بأربع سنوات، وأن يمارس التجارة، بل وأن ينتخب قبل سنة فقط، ومع ذلك لم يبلغ الرشد السياسي للحكومات الكويتية منذ الغزو العراقي وحتى الآن ما يفيد بقدرة هذه الحكومات ليس على قيادة شعبها بل حتى عجزها عن قيادة.. سيارة!! وفق قواعد القانون المروري!!
* * *
كل أزمة سياسية تريد لها الحكومة أن تختفي، تصطنع لها قضية إما أمنية وإما اقتصادية وإما اجتماعية، الأمثلة كثيرة، ابتداء من تزوير انتخابات 1976 وتوزيع الأراضي والتثمينات، مرورا بحل المجالس البرلمانية 76، 86 وما بعدها، وأزمة سوق المناخ وتوابعه، وانتهاء بمن يشق عصا الوحدة الوطنية ويثير النزعات العنصرية الآن!! وما أعجب له هو قدرة هذه الحكومة على التخطيط المتقن للإفساد وابتعادها عن الإصلاح رغم قدرتها الفائقة على التخطيط.. بأنواعه!!
* * *
بالمناسبة كان للزميل أحمد الجارالله مقوله قبل أزمة سوق المناخ حين دعا الحكومة إلى رفع يدها عن سوق المناخ حين كان الكل رابحا منه، لاسيما صديقه صبحي سكر- وما أدراك ما صبحي سكر- وحين وقعت الواقعة، ونادى عبداللطيف الحمد وزير المالية آنذاك بتطبيق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، كان أول من عارضه هو الزميل الجارالله الذي دعا إلى ما كان يرفضه سابقا وهو
التدخل الحكومي!!
* * *
لماذا نقول ما قلناه؟ فقد أبدى الزميل في جريدته «السياسة» بأنه يستلزم من الحكومة أن تهتدي بسنة دولة الإمارات وحاكمها الذي ألحق به دعوة بلفظ- أدام الله عزه- وهي دعوة لم نسمعها منه تجاه حكام الكويت، الذي دفع مليار درهم إماراتي وهو ما يعادل- حسب أرقامه- إنتاج ساعتين من النفط!! وربما نعذر الزميل على جهله الحسابي باعتبار أن مليار درهم تعادل تقريبا ثمانين مليون دينار كويتي أي تقريبا ثلاثمائة مليون دولار، وإذا افترضنا أن الإنتاج اليومي للنفط الإماراتي هو ثلاثة ملايين برميل بسعر مئة دولار للبرميل فإننا نتكلم عن مبلغ يعادل إنتاج يوم كامل أي أربع وعشرين ساعة وليس ساعتين!!
ومع ذلك، كانت دوما ساعة الزميل- أصلحه الله- السياسية والحسابية خارج المسار العادي للأمور، وحين يطالب الدولة بالدفع لمن لا يتحمل وزر المسؤولية وعواقبها، فإن ذلك لن يكون إلا دافعا للآخرين للاقتراض ثم الاقتراض ثم الاقتراض في ظل غياب سياسة واضحة من قبل البنوك والبنك المركزي، الحديث قد يطول.. ولكن الزميل يملك صفحات جريدته بأكملها ليقول رأيه.. ونكتفي نحن بهذه الفقرة للرد عليه!!
* * *
بعد الاستخارة، ودعاء القنوت على ما يحدث في الكويت، اقترح أن يتم تشكيل لجنة وطنية يكون أعضاؤها خمسة أشخاص من اقتصاديين وسياسيين وذوي تخصص، تقوم، وبكافة الصلاحيات المقررة للحكومة، بوضع حلول عاجلة مع وسائل تنفيذها وتكلفتها المادية لأشياء ثلاثة لا غير وهي: الأزمة الإسكانية، والخدمات التعليمية، والوضع الصحي، فقط في خلال فترة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر، ولها الاستعانة بكافة الخبرات المحلية والأجنبية، فقط لي شرطان على اختيار هؤلاء:
الأول: أن لا يكون هناك أي شبهة مالية أو جنائية
أو أخلاقية على أي واحد فيهم.
ثانيا: أن يتم اختيارهم بعيدا عن المحاصصة السياسية بل من خلال ترشيح جمعيات مهنية أو تكتلات اقتصادية ذات طابع مهني.
ترى هل أطمع في تحقيق ذلك؟ أو أطمح بمعنى آخر؟
salhashem@yahoo.com صلاح الهاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق