تحذير وزير الخارجية السابق الشيخ د.محمد الصباح بشأن الوضع الإقليمي الخطير لم ينبعث من فراغ، ومن أسف أن نسمع الرأي الصحيح والحقيقي بعد أن يترك المسؤول منصبه، وبالمقابل فوزير الخارجية الحالي مشغول بترتيبات لا نعلم عنها شيئا سوى من البرلمان.. العراقي!
فتنازل الكويت عن مليار ومئة مليون دولار هي قيمة الأحكام الصادرة ضد الخطوط الجوية العراقية تم في هدوء وفي «خش ودس»، بمجرد زيارة المالكي والصدر والحكيم، ومن عجب أن يناقش البرلمان العراقي الموافقة على دفع ثلاثمئة مليون دولار فقط، ويمنع البرلمان الكويتي أيا كان، من مناقشة الموضوع!
ومن عجب أكثر أن تسكت الحكومة عن هذا التنازل ولا تعلنه للشارعين الكويتي والعراقي، ومن خلال إعلانات صحافية مدفوعة الأجر إن استلزم الأمر، حتى نقول للشعب العراقي هذه هي طبيعة الكويتيين، كرم وإيثار وتضحية، ولكن «علاج العين الرمدة خسارة»، تنازلت الحكومة الكويتية منفردة، ولم يكلف أي نائب حالي من مجلس 2009 -الذي مازال منعقدا- حاله بتوجيه سؤال بشأن ذلك الموضوع للحكومة!
* * ** * ** *
نعود لتصريح د.محمد الصباح بشأن تحذيره من الوضع الإقليمي، ونتساءل معه، ولماذا تحذرنا نحن؟ وما الذي نستطيع فعله ولا تستطيع هذه الحكومة فعله؟ ثم لماذا لا يتم تصعيد هذا الرأي وترجمته من خلال دعوة أعضاء مجلسي 2009 و2012 ؟ باعتبار الأمر الواقع، فالأول موجود بحكم القانون، والثاني بحكم الشارع، وهذان المجلسان هما نتيجة اختيار شعبي، فلماذا لا يدعوان معا للانعقاد مع الحكومة وقيادات الجيش ونخبة مختارة من أهل الكويت بكافة طوائفهم وفئاتهم؟ ويكون الاجتماع بعيدا عن مجلس الأمة، في مسرح قصر بيان مثلا، وأن يدعى إلى هذا الاجتماع سفراء الدول الخمس الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن، وأن تتم المطالبة بصورة واضحة بوضع الاتفاقيات الأمنية التي تم توقيعها مع هذه الدول بالعامين 1992 و1994، موضع التنفيذ، وأن يدعى إلى عمل مناورات مشتركة معهم، وإعلام دول مجلس التعاون بذلك، وتكون رسالة واضحة وشديدة إلى أي جهة تهدد الأمن الكويتي والإقليمي، لماذا الخوف والخشية من عمل ذلك؟
وهل هو مكتوب على الشعب الكويتي أن يبعدوه عن صنع القرار لحماية ترابه ونظامه، ثم يطلبون منه بعد ذلك مساندتهم ودعمهم ونعيد اتفاق الطائف وأحداثه من جديد؟
غريب أمر هذه السلطة، فكل همها هو إرضاء الخارج صديقا كان أم عدوا، وتهمل إلى درجة التواطؤ فرض الأسباب لحماية شعبها وأرضهم.
هناك اتفاقيات أمنية مع الدول الكبرى، فعّلوها، وابدؤوا بتنفيذها، بدلا من صرف الأموال لشراء صواريخ باتريوت بقيمة أربعة مليارات لا يعمل أي من أبنائنا العسكريين عليها!
إنها صرخة نطلقها.. فمن يسمعها؟
salhashem@yahoo.com صلاح الهاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق