الأحد، 5 سبتمبر 2010

الانتهــازية الصحفيــة



من نعم الكتابة في المدونات و فضائلها أنك لا تكتب و في ذهنك الخشية من المندوب السامي لرئيس التحرير للصحيفة المكتوبة ، و الذي لا يزال غير كويتي الجنسية بعد أكثر من سبعين عاما" من ظهور الصحافة الكويتية ، و حتى أصبحنا نصدق مقولة أن رؤساء التحرير الكويتيين يعملون في كل شيء ما عدا .. الصحافة !! فالكتابة حول الأداء المهني للصحافة الكويتية ترتبط دائما" بمدى مصداقية الجريدة حين تقول ما تفعل أو تفعل ما تقول ، و مع ذلك لم أفهم مدى اندفاع الصحف الكويتية على استكتاب قيادات التيارات الدينية في الكويت بكل أطيافها ، فتكاد ترى صحف بعينها تمثل تيارا" طائفيا" بغيضا" لا يسمح للتيار الأخر بالكتابة فيه – دع عنك وجود صحف و مجلات حزبية كالمجتمع و الفرقان و صدى الإيمان و غيرهم لا يقبلون لأي كاتب ليبرالي أو علماني بالكتابة معهم رغم ذات المذهب ، و مع ذلك أنظر إلي الصحيفتين الأوليتين في الكويت القبس و الوطن – و قم بإحصاء عدد الكتاب الدينيين و توجهاتهم ، بل أستطيع القول أن جريدة رصينة كالقبس معروفة بعلمانيتها و ليبراليتها و التي تعرضت لهجوم ولازالت من قبل التيار الديني ، هذه الجريدة التي كانت لافتتاحيتها المنشورة بتاريخ 24/8/2009 صدى كبير حول ضرورة تصدي السلطة للممارسات المتاجرين بالدين في سابقة نوعية لصحيفة كويتية ، هذه الصحيفة ذاتها هي التي طلبت و استجدت و أصرت على أحد قادة التيار الديني من الحركة الدستورية على الكتابة لديها – كما نشر هو ذاته في أول مقال له في القبس – و ذلك بعد توقف جريدة الرؤية عن الصدور ، و قد يستغرب المراقب العادي هذه الازدواجية في الطرح ، و يعلل مناصرو الجريدة ذلك بأنه الإيمان في نشر الآراء المختلفة على صفحات جريدة ليبرالية مع أن ذات الجريدة أعلنت أنها تمتنع عن نشر أخبار ندوات جماهيرية بحجة عدم تأييدها لما يقال فيها بحجة الحرص على الوحدة الوطنية أو أي من المفردات المطاطة ، أقول قد يستغرب المراقب العادي ذلك ، و لكن لمن يتمعن أكثر في الأمر يعلم أن الصحافة الكويتية - أو أغلبها على الأقل حتى لا نقع في فخ التعميم – هذه الصحافة يهمها في المقام الأول زيادة نسبة المبيع و حجم الإعلان الذي يأتي دوما" في المرتبة الأولى ، و بالتالي فإن السماح لقطب إخواني بالكتابة في هذه الصحيفة سيضمنعلى الأقل رفد هذه الجريدة بإعلانات الشركات الدينية التابعة لحزب الإخوان المسلمين ، وقس على ذلك عدد الكتاب الدينيين في جريدة الوطن و السياسة بل و الأنباء في ظاهرة واضحة لإنتهازية الصحيفة التي تعرف من أين تؤكل الكتف الإعلاني ، و مع ذلك فهذه الانتهازية الصحفية هي حق للصحف شريطة أن لا تقول شيئا" في افتتاحيتها التي تعبر عن رأي ملاكها ثم تناقض ما تقوله لممارسات فعلية تنسف كل ما من شأنه تصديقها أو احترام ما تقوله

و أقول ما أقوله و أنا و الملايين غيري يتابعون مسلسل الجماعة الرائع الذي يتكلم عن نشأة الإخوان المسلمين في مصر الذي يوضح بشكل صريح مدى الانتهازية التي يمارسها مؤسسي هذه الجماعة منذ تأسيسها و حتى الآن ، وإذا كانت الصحافة لها عذرها في الانتهازية ، و ممارستها ، فما عذر جماعة دينية ديدنها قال الله و قال الرسول ، حتى يدخلوا في أتون السياسة و يلوثوا هذا الدين العظيم بمكائد السياسة و دروبها ؟

قضية الصحافة الكويتية تختزل بقول سمعته من أحد الصحافيين العرب الذي كان يعمل في جريدة الرأي العام حين زاملت صدورها الأول حين قال : " أنتم في الكويت ليست لديكم صحافة ، بل صحف ينشط ملاكها لتكون وسيلة لجمع الأموال ، و نحن الأجانب نعلم ذلك و نريد أن نأكل معكم جزء من الكيكة " .

و في النهاية حين يكون لدينا رؤساء تحرير يعلمون الفرق بين الخبر و الرأي ، هنا يمكن لنا أن نفرح بحذر بوجود بدايات للصحافة الكويتية ، و صدقوني لدي مستند رسمي لرئيس تحرير إحدى الصحف يدل و بوضوح على أنه لم يعرف الفرق بين الرأي والخبر!!

صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق