حين تكون شاهدا على موقف ويكون لزاما عليك ذكره حين حاجته ، وحين يكون شهوده أحياء ، فأنت ملزم أكثر بأن تذكر وقائعه أكثر من رأيك ، وهكذا كان ، وهكذا أصبحت شاهدا على قضية أطرافها ثلاثة ، وافد فلسطيني ، ورئيس تحرير كويتي سابق ، ووزير أسبق ، وحتى لا نطيل ، فقد كان الوافد الفلسطيني شريكا مع هذا الرجل أعمال ، وفحوى القضية دعوى رفعها الوافد ضد شريكه الكويتي في ملكية مطبعة تجارية ، يتهمه فيها بخيانة الأمانة ، وصدر الحكم الابتدائي بتبرئة الشريك الكويتي ، ثم انتقلت القضية إلي دائرة استئنافيه برعاية القاضي ذو الضمير الحي الأستاذ / عبدالله جاسم العبدالله ، وصدر الحكم في القضية رقم 2001/6514 بإدانة الشريك الكويتي بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم بالحبس ثلاثة أشهر مع النفاذ ، ولكون القضية جنحة ، وهي وفق القانون القديم لا يجوز تمييز أحكامها قبل التعديل الذي تم في 2003/07/01 بموجب القانون رقم 2003/73 ، بل أجزم أن سبب التعديل أو أحد أهم أسبابه هو هذه القضية وحين اختلط الحابل بالنابل ، وأصبح تنفيذ الحكم على ممثل الكويت في المجلس الاستشاري الخليجي وجوبيا وإلزاميا ، تدخل وزير العدل آنذاك أحمد باقر ووفقا للقانون الذي يستلزم أن يقوم وزير العدل بطلب الحصول على عفو أميري عن العقوبة " تقدم بهذا الطلب قبل الانتخابات البرلمانية وبالفعل صدر كتاب من وزير شؤون الديوان الأميري آنذاك الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق – وذلك بتاريخ 2002/07/30 بإعفاء الشريك الكويتي ورئيس التحرير الأسبق وعضو المجلس الاستشاري الخليجي عن " .. العقوبة المحكوم بها عليه في الجنحة رقم 2001/3043 ، 99/456 " .
وقد يسأل أحدكم : لماذا لم يكن مسموحا الطعن على هذا الحكم بدلا من اللجوء إلي العفو الأميري ؟ والإجابة ببساطة أن المشرع اعتبر الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة أيا كان لا يجوز استئنافه أمام محكمة التمييز وهذا الذي دفع وزير العدل – مشكورا – آنذاك إلي اقتراح التعديل باللجوء إلي محكمة التمييز في حالات أحكام الحبس فقط ، وإذا تذكرون فقد لجأ النائب فيصل المسلم إلي الطعن أمام محكمة التمييز حول الغرامة التي صدرت عليه في قضية إفشاء معلومات مصرفية فرفض طلبه لعدم وجود تشريع يسمح بذلك حتى انتبه أعضاء اللجنة التشريعية إلي ضرورة إخضاع أحكام محكمة الجنح كلها إلي رقابة محكمة التمييز .
إنها قصة قانون صدر بسبب قضية صدرت ، وتوافرت الظروف من وجود أطرافا ثلاثة سهل وجودها إصدار تشريع خاص .
أما من يسأل عن أسباب تطوع وزير عدل أسبق للحصول على عفو لمحكوم بجريمة رغم أنه وجماعته يرفعون شعار " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ، أو عن حيثيات حكم البراءة من محكمة أول درجة ، أو عن خلفيات هذه الدعوى المثيرة للجدل ، وهي في النهاية قصص عديدة .. وللقصص دوما ... قصص أخرى ..!!
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق