كبيرنا ..
ليس الخطاب إليكم ،كمثله لمن عداكم ،وهو أمانة طلبتها من مواطنيكم لكي يعينوك على أمر أنتم له حام وضامن ..
كبيرنا ..
حين تحررت الكويت عام 1991 ، حمدنا الله شكراﹰ ، وتعاهدنا حكاماﹰ ومحكومين أن نرى كويتاﹰ جديدة بعد أن أزال الغزو ثلاثة من أبرز مشاكلها وهي " التركيبة السكانية الكارثية ،وتحديد حدودها الشمالية ،وغرس شعور الأمان في داخل الكويتيين بعد توقيع المعاهدات مع الدول الكبرى "
كبيرنا ..
عشرون عاماﹰ ونيف مرت ، فماذا حدث للكويت ؟ عادت التركيبة السكانية أسوأ مما كانت بسبب المجاملات السياسية على حساب المواطن الكويتي ،وازداد معدل الجرائم لدينا بسبب ذلك ،وضاقت الشوارع والمدن ،وتردت الخدمات الصحية والتعليمية ،وأعاد العراق مطالبته الممجوجة بإعادة فتح ملف الحدود والعلاقات ،وأصبحت المعاهدات الأمنية مع الدول الكبرى وسيلة لإثراء أرصدة تجار السلاح بدلاﹰ من توفير الأمن بمفهومه الحديث .
كبيرنا ..
ليس للدول عنوان سوى بإحترامها لحقوق الناس وأموالهم ،وهذا لا يكون إلا بسلطة قضائية مستقلة استقلالاﹰ حقيقياﹰ ،لها ميزانيتها الخاصة ،ومبتعدة عن تدخل السلطة التنفيذية حتى في تشكيل مجلسها القضائي ،مع جواز محاسبة القضاء من القضاء ذاته ،فهو كالنهر الجاري يطهر ذاته بذاته .
كبيرنا ..
ليس من كبير أمام القانون سوى ما منع الدستور ،وليس هناك حصانة لأي كان إذا اتهم بالفساد أو الخلل في أداء الوظيفية ،فما أقسى الظلم حين يمارس ويراه القوم ،وما أبشع رؤية صاحب حق يعجز عن إرجاعه بسبب سطوة أهل النفوذ والسلطة .
كبيرنا ..
في كل عام يضاف إلي سوق العمل الكويتي أكثر من ثلاثين ألف مواطن ،لا يجدون لهم عملا في دولة يبلغ دخلها أكثر من ثلاثمائة مليون دولار يومياﹰ ، وسيطر القطاع الخاص على سوق العمل بإغراقه من الوافدين على حساب المواطنين ،وتحول المال من وظيفة اجتماعية كما حدده الدستور إلي وسيلة للحصول على السلطة للوصول إلي رصيد أكثر من الأموال في دائرة بغيضة لا تنتهي ولا تزول .
كبيرنا ..
الضريبة و التجنيد الإلزامي فريضتان غائبتان عن المجتمع الكويتي ، وهما ليستا أمرا كماليا بقدر ما هما وسيلة لترشيد الإنفاق في الأولى و لتعزيز شعور الإنتماء إلي هذه الأرض للثانية ، وهما قبل كل ذلك واجب وفرض عين .
كبيرنا ..
منذ أكثر من ستون عاماﹰ والنفط الكويتي هو المدخول الوحيد للكويت ومع ذلك لم تبنى كلية أو معهد أو حتى مدرسة لتعليم أصول صناعة النفط وحفره وصيانة معداته وتأهيل شباب الكويت على إدارة ثروتهم الوحيدة والناضبة ،وكأن لسان حال الشركات النفطية هي تركيز هذه الخبرة في يد الأجنبي حماية لروح الاستغلال التي انتقلت من الأجنبي إلي أجنبي آخر .
كبيرنا ..
يتسابق العالم على احتضان إبداعات أبنائه وتفوقهم في كل المجالات الرياضية والفنية والعلمية والثقافية ،فماذا فعلت حكومات الكويت منذ التحرير وبداية الكويت الثانية حتى الآن ؟ مخترعين ومخترعات لا يجدوا من يحمي حقوقهم الأدبية أو من يمولهم لتنفيذ اختراعاتهم التي حصدوا عليها الجوائز العالمية ،ورغم أن مؤسسة عملاقة تتشرف برئاستكم مثل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تتربع على رصيد نقدي ضخم يبلغ أكثر من ستمائة مليون دينار كويتي اكتفت بتوزيعها على البنوك للحصول على فوائد قليلة رغم أهمية استثمارها في أبناء الكويت ولازال الحال كما هو حتى الآن .
كبيرنا ..
أحزننا ما أحزنك وأزعجك حين سمعت عبارة " كويت الماضي ودبي الحاضر وقطر المستقبل " وهو قول يردده من كان ينظر للكويت من موقع الحسد لا الحب ،ومع ذلك لماذا نلوم غيرنا حين يكون الخطأ من صنع أيدينا ؟ ولماذا لا نلوم كل الحكومات السابقة التي ارتضت لنفسها أن تكون رهناﹰ لإتجاهات متطرفة سياسية كانت أم دينية أم قبلية أو طائفية أو عائلية ؟ لماذا تقبل هذه الحكومات التي يعمل وزرائها نيابة عنكم في ممارسة صلاحياتكم كما نص عليه الدستور أن نصل إلي ما نحن فيه ؟ لماذا تراجعت الكويت فنياﹰ وموسيقياﹰ وغناءﹰ وتمثيلاﹰ ؟ أين اختفى الإبداع الكويتي في النحت والرسم والرياضة والروح المتحفزة ؟ أسئلة لسنا بحاجة للإجابة عليها .
كبيرنا ...
لم يكن الحكم يوماﹰ سوى قيادة وطن ،وحماية شعب ،ورعاية واعتناء بأفراده ، فلا غلبة لجهة أو تيار أو اتجاه على حساب حريات الناس وحقوقهم وأموالهم ،وإذا لم تكن الحكومات القادمة قادرة بوزرائها على تنفيذ ذلك ،فهم يعتدون على صلاحياتكم حين يمارسون أعمالهم ،وهو أمر يحزننا كما أحزنكم وأزعجكم .
كبيرنا ...
الأمر في يدكم ،ومازال في قوس الصبر منزع ، وما قد تأتي به قادم الأيام لهو أفضل مما مضى منها ،فالكويت تستحق منا أن تكون لها الأولوية لدى كل فرد فينا ،ولسنا بحاجة لمن يأتي في القرن الواحد والعشرين لكي يفرض على الناس آرائه وفهمه لأي عقيدة يفهمها ،فلم تكن الكويت قديماﹰ إلا واحة للحريات والسماحة الدينية ،فلا نضيق واسعاﹰ ولا نقيد مباحاﹰ بحجة الدين أو العادات إلا ما يرتضيه أهل الكويت لهم ولعائلاتهم وأبنائهم .
كبيرنا ..
قالوها قديماﹰ ،إذا ضعف الحكم .. فالكل يحكم ،ولو دامت لغيرك ما اتصلت بك ، وكم يكون المواطن الكويتي مستقراﹰ آمناﹰ على مستقبله إذا أحكمت قبضة الأسرة على تسلسل الحكم في عهدكم وهي أمانة موصولة بكم ، أنتم لها أهل .
كبيرنا ..
سيروا على بركة الله ، عالماﹰ ومدركاﹰ بأن إرضاء الناس غاية لا تدرك ،ولكن يبقى الهدف أن تعود الكويت كما كانت تنظر بعينها إلي المستقبل وهي مستهدية بالماضي ، عابرة الحاضر بوحي من دستورها وشعبها .
وسدد الله خطاكم يا كبيرنا على الحق والخير والعدل .
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق