الاثنين، 18 فبراير 2008

بيـروقـراطيـة الفتـــاوي ..

" في كل كبد رطبة أجر " حديث شريف لسيد العالمين الرسول محمد عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ، هذا الحديث كان شعار جمعيتنا التي أنشأناها عام 1986 مع مجموعة كبيرة من المهتمين بحقوق الحيوان و الذين هم من الأجانب رغم دعواتنا للعديد من جماعتنا للإنضمام إلينا ، رغم أن الدين الإسلامي هو أكثر الأديان رحمة بالبشر و الحيوان و النبات ، و مع ذلك كان مبدأنا أن نشعل شمعة بدلا" من لعن المعتدين على حقوق هذه الحيوانات ، و لن يتسع المقام لبيان عملنا منذ ذلك الوقت حتى الآن ، و لكننا نذكر التصدي لممارسات سوق الجمعة المسيئة للحيوان و الطيور ، و سلخ الجمال و هي حيه ، و حشر و تكديس الخراف في شاحنات عملاقة دون مراعاة المكان و حرارة الجو ، و قد أثمرت هذه الجهود المتواضعة عن تحسن قد يبدو طفيفا" و لكنه في الإتجاه الصحيح ، و كان أسلوبنا هو النصح و الإرشاد ثم الشكوى إلي الجهات الرسمية تحت نص المادة (165) من قانون الجزاء التي تنص على ( كل من استعمل القسوة بغير مقتضى تجاه حيوان أليف أو مأسور ..... يعاقب بالحبس لمدة ثلاثة أشهر و بغرامة ثلاثمائة دينار أو إحدى هاتين العقوبتين....) و مع الأسف الشديد نشرت جريدة القبس يوم 20/1/2008 صورا" بغاية البشاعة لحصانين رميا في الصحراء بعد تقييدهما و تركهما يموتان جوعا" و عذابا" و لم يتكرم هذا المجرم عليهما بدفنهما رغم أن الحصان هو من أنبل الحيوانات و أكرمها ، و أمام هذا الجور ، و غياب الرادع القانوني لعدم معرفة الفاعل ، كان لابد من ردع هؤلاء من خلال الدين و من خلال طلب فتوى رسمية من " وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية – قطاع الإفتاء و البحوث الشرعية – إدارة الإفتاء – لجنة الأمور العامة " .

و رغم ضخامة هذا المسمى فقد قمت بتوجيه رسالة لهم في 22/1/2008 أطلب الرأي الشرعي حول قتل الحيوانات أو تعذيبها و كان السؤال هو :
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه و من والاه ، و بعد :
فقد عرض على لجنة الأمور العامة في هيئة الفتوى في اجتماعها المنعقد يوم الثلاثاء 20 من محرم 1429هـ الموافق 29/1/2008 الإستفتاء المقدم من / السيد صلاح عبدالرحمن الهاشم المحامي ، و نصه :
أرجو بيان الرأي الشرعي المدعم بالأدلة من القرآن الكريم و السنة الشريفة حول إساءة التعامل مع الحيوانات على العموم و تعذيبها و تقييدها و تجويعها و تحميلها ما لا طاقة لها به ، ثم قتلها بتركها تموت عطشا" أو جوعا" و على الأخص الحصان الذي جعله الله دابة للركوب و التحميل .

و ما حكم من يعلم بذلك و يسكت و لا يخبر السلطات الرسمية أو يمنع من يقوم بذلك ؟ و هل يعتبر شريكا" في الإثم ؟ مع صاحب الفعل الأصلي ؟
و ما هي الكفارة المطلوبة من الفاعل أو الشريك حين التوبة إلي الله .

و بعد مضي قرابة الأربعة عشر يوما" ، قضيناها في اتصالات مع هذه الإدارة ، و نعجب من التأخر في إصدار فتوى مثل هذه ، و كانت مناسبة لكي نعرف الدورة المستنديه لأي فتوى ، فالفتوى تقال مباشرة إذا كانت شفهية ، و لكن إذا كانت مكتوبة ، فإنها تحال إلي مكتب وكيل الوزارة ثم يأمر بإحالتها إلي لجنة من العلماء تجتمع مرتين أسبوعيا" يومي الأحد و الثلاثاء ، ثم بعد المداولة و إتفاق العلماء ، تعاد إلي مكتب الوكيل لعرضها عليه ، و بعد موافقته عليها ، تعاد إلي اللجنة لكي يتم وضع تواقيع المشايخ مجتمعين عليها ، ثم تعاد إلي قسم الصادر و تأخذ رقم كان بالنسبة إلينا هو ( فتوى رقم 20 ع /2008 م ) ، ثم ترسل إلي صاحب العلاقة .

و لا أعلم حقيقة لماذا يتم تأخير فتوى ليست محل خلاف في أي مذهب مثل هذه ؟ و لكنها البيروقراطية و الروتين ، و مع ذلك ننشر هذه الفتوى لمزيد من الفائدة و ربما تكون رادعا" سماويا" لمن يعتقد أن الدين الإسلامي هو مجرد إطالة لحيه أو تقصير للثوب ، رغم أن رحمة الله قد وسعت كل شيء حتى الحيوان و النبات .
- نص الفتوى :
( إكرام الحيوانات و العناية بها ، سواء كانت مأكولة اللحم أو مركوبة أو غير ذلك ، مأجور عليه عند الله تعالى ، لحديث النبي صلى الله عليه و سلم " في كل ذي كبد رطبة أجر " ، أما قتل الحيوان أو حبسه دون طعام أو شراب حتى يموت لغير ضرورة أو مصلحة غالبة فهو حرام ، لحديث نبي الله صلى الله عليه و سلم : ( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض ) رواه البخاري و مسلم ، و إذا كان لذلك ضرورة أو مصلحة غالبة لا يمكن تأمينها إلا بذلك فلا مانع منه بشرط أن لا يزيد عن مقدار الحاجة .. و الله تعالى أعلم ، و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .

أنها تذكرة لمن يشاء ... فمن يعتبر ..؟؟


صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق