الاثنين، 31 أكتوبر 2011

إني لا أُريد «هذا» الإسلام.. بل أريد «ذلك»

إني لا أُريد "هذا" الإسلام.. بل أريد "ذلك".
كتب الدكتور طارق عبدالحميد من واشنطن:
قالوا لي: هل تريد أن يكون الإسلام مصدراً من مصادر التشريع، فقلت لهم نعم، ولكني أريد ذلك الإسلام الذي أعطى للإنسان حرية الفكر واختيار العقيدة، فقد قال تعالى "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
قلت لهم إني أُريد إسلاماً لا يُكره أحدا على أداء شعائره، كما قال القرآن الكريم "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"।


أُريد إسلاماً يُقيّم الناس بالمحبة التي في قلوبهم، وليس ذلك الإسلام الذي يُقيمهم بما يلبسون، فالله تعالى قال في كتابه العزيز "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم".

نعم أُريد ذلك الإسلام الذي يحنو على المسكين واليتيم والأسير أيّاً كان دينه أو عرقه أوعقيدته، فقد قال تعالى "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً"، ولم يقل ويطعمون المسكين المسلم أو اليتيم المسلم أو الأسير المسلم فقط!

نعم أُريد إسلاماً يُدافع أتباعه عن كنائس ومعابد غير المسلمين كما يدافعون عن المساجد، فالله تعالى هو القائل "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً"।

نعم أُريد إسلاماً يعلو بالتواضع ويسمو بالرحمة والمغفرة لا باللعنات والكبر، فالله تعالى هو القائل "وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين"।

نعم أريد ذلك الإسلام الذي يتعبد أتباعه مع أهل الديانات الأخرى، ويصلون معهم كما قال تعالى "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم"، فلم يقل القرآن واصبر نفسك مع الذين يدعون "ربك" بل قال "ربهم"।

نعم أُريد ذلك الإسلام الذي يشهد أتباعه بالحق والصدق ولو حتى على أنفسهم كما قال ربي: "كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين".

نعم أريد ذلك الإسلام الذي تسمو فيه الروح فوق الأحرف والكلمات، كما قال ربي "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا"।

نعم أُريد ذلك الإسلام الذي يجعل أتباعه "ربانيين" كما قال ربي "ولكن كونوا ربانيين"، أي أولئك الذين يرى الناس أعمالهم الحسنة فيقدسون وجه خالقهم ومبدعهم।

نعم أُريد ذلك الإسلام الذي يجعلنا نُقدس الإبداع، فالله تعالى هو "بديع السماوات والأرض"، ونحترم الفكر المخالف ونرى فيه جمالاً لأهميته، فقد قال ربي "ولو شاء ربك لجعل الناس أُمةً واحدة ولا يزالون مختلفين"।

نعم أُريد إسلاماً تذرف أعيُن أتباعه دمعاً حينما يسمعون آيات الله في القرآن والإنجيل والتوراة، وتقشعر جلود من آمن به حينما يرون جمال الله في الورد والفراشات وقواقع البحار، فالله تعالى -كما قال في حديثه القدسي- "جميل يحب الجمال"।

نعم صدقوني إني أؤيد ذلك الإسلام الذي هجره ونسيه الكثيرون، كما قال ربي في يوم الدين "وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا".

فإن كانت تلك الصفات التي تسمح باحترام الفكر والتنوع والاختلاف، وتقدس الجمال والإبداع هي مرجعية الإسلام فأهلا وسهلاً بها। وإن كان مفهوم المرجعية عند البعض هي إكراه الناس على شعائر الدين، وقمع بناء كنائسهم ومعابدهم، وإصدار الأحكام على البشر ونعتهم بالكفر والزندقة فلا أهلاً ولا سهلاً بتلك المرجعية।

ولكنهم يا دكتور عبدالحميد لا يريدون لنا "ذلك" الإسلام الذي أنزل الله للناس، بل "إسلام" يستعبدون هم به الناس!



صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق