الأربعاء، 18 يناير 2012

تشـابـك الخيـــوط

- حدث ما كنت دائما أخشاه ، وهو أن تضع الحكومة السلطة القضائية بمواجهة السلطة التشريعية ، فاللجنة التي أوصت بشطب المرشحين وآخرهم المرشح فيصل المسلم تشكلت برئاسة المحامي العام ، وهو حسب التوصيف الوظيفي يتبع السلطة القضائية ، وهو وضع سياسي أكثر منه قانوني لا يجب ولا يستحب أن تكون السلطة القضائية طرفا فيه إلا من خلال آلية التقاضي المعروفة .

- إشكالية حساسة لم نتمنى أن تحدث الآن لاسيما بعد المطالبة بضرورة استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ، وأيضا بفصل النيابة العامة عن السلطة القضائية ذاتها بإعتبارها سلطة تحقيق واتهام وليست سلطة لإصدار الأحكام ، فهذا التداخل والتشابك لم ولن يكون مريحا أبدا في ظل ما حدث ويحدث .

- إن قرار الشطب هو قرار استبق وصادر حق مجلس الأمة في فحص صحة عضوية أعضائه وفق ما تنص عليه المادة (95) من الدستور التي تنص وجوبا على أنه " يفصل مجلس الأمة في صحة انتخاب أعضائه ....."

- وبالتالي فإن قرار التحقق من شروط صحة العضوية هو حق للوزارة حتى تحصين الجداول الانتخابية بإعتبار شروط المرشح هي ذاتها شروط الناخب ، أما بعد تحصين الجداول ، فإن هذه السلطة تنتقل إلي الأصل وهو مجلس الأمة بعد انتخاب أعضائه .

- الحديث قد يطول في ذلك ، ولكنني حزين لأن السلطة التنفيذية قد نجحت في جعل المواجهة مباشرة بين السلطة التشريعية والقضائية ، وكم كنت أتمنى أن تسود الحكمة القانونية على الرغبة السياسية

وفي رأيي أنه يجب أن يستمر المرشحون في ترشيحهم لاسيما نواب المعارضة ويستبعدوا قرار الانسحاب ، وحين وصولهم إلي مجلس الأمة يقوموا بعمل تعديل جذري على القوانين التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه ، مثل تطبيق قانون استقلال السلطة القضائية ، وإصدار تشريعات توضح بصورة لا تقبل الجدل حق مجلس الأمة منفردا للفصل في صحة أعضائه ، مع إيجاد آلية تخضع إشراف وزارة الداخلية للتحقق من شروط الناخب وتسجيله إلي رقابة مجلس الأمة بعد الانتخاب وحق إلغاء أية قرارات مخالفة بعد الاحتكام إلي القضاء بصفة مستعجلة من قبل أي متضرر مع بيان واضح لشروط وملابسات أي عملية شطب .

نحن بحاجة إلي رؤية جديدة وآلية عمل سريعة للتعامل مع توحش السلطة التنفيذية وتربصها بالحياة الديمقراطية وهذا لا يكون إلا بتعزيز حقيقي ومستمر ومعلن لاستقلالية السلطة القضائية باعتبارها صمام أمان للجميع .

نقول لكل المرشحين ، استمروا في ترشيحكم وشكلوا أغلبية برلمانية معارضة تستطيع إصلاح الاعوجاج الذي نعيش فيه أما انسحابكم فسوف يسعد قوى الظلام والفساد ولعلمكم فهي كثيرة وتنتظر .

صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق