الأحد، 22 أبريل 2012

ذكـريـات محـام ... وفــاتـت .

إنهاء ندب مدير إدارة التسجيل العقاري والتوثيق ، حقق لي طلبا بدأته عام 2006 من خلال اقتراح بقانون قدمته إلي النائب السابق عبدالوهاب الهارون ، وكتبت عنه مقالا في 2008/05/22 منشور في كتابي " كنت مشاغبا ولازلت " ، وقد طلبت ذلك من أربعة وزراء عدل هم : مشاري العنجري ، أحمد باقر ، وجمال شهاب ، وأحمد المليفي ، فلم يستجب أحد ، وفعلها الوزير الحالي جمال شهاب بعد رفض المدير المثول أمام لجنة تحقيق برلمانية .

نرحب بعودة القاضي – أي قاضي – إلي مكانه الطبيعي على المنصة ، لا يخضع إلا لضميره ورقابة الله عليه ، فهذا في رأيي التطبيق الحقيقي لفصل السلطات ، ونتمنى أن يصدر وزير العدل أيضا قرارا بإلغاء وجود وكيل الوزارة في مجلس القضاء الأعلى ، فهل يفعلها ؟؟

■■■■■■■■■■■

 
بعد أن قرأت ما دار في جلسات المحكمة الدستورية الأخيرة بشأن الطعون الانتخابية استذكرت إحدى جلسات محكمة التمييز قبل سنوات وكان يرأسها المستشار الفاضل يوسف المطاوعة وهو معروف بحرصه على الشكليات والموضوع لاسيما بشأن ارتداء روب المحاماة ، وقبل المناداة على قضيتي رأيت القاضي يرفض السماح للمحامين بالمرافعة ما لم يرتدون الروب الأسود ، وهو تصرف صحيح ، ولكنني لاحظت أن محامي الحكومة وهو غير كويتي يرتدي البدلة بدون الروب الأسود ، وهنا وبهدوء شديد قمت بخلع الروب عني ووضعته على الكرسي ، وحين تم النداء على القضية وقفت بدونه فسألني المستشار – المطاوعة " أستاذ صلاح ، وين الروب الأسود " فأشرت إلي الروب وقلت له : " موجود سيادة الرئيس " ، وهنا سألني مرة أخرى : " لن تستمع المحكمة لك بدون الروب " وهنا أجبته بهدوء واحترام شديدين : " سيادة الرئيس أنا أطلب المساواة في الخصومة " ، وكانت جملة استلفت انتباه الرئيس وأعضاء الهيئة وهم سبعة أشخاص ، وحين رأيت نظرات الاستفهام على وجه الرئيس ، أشرت إلي محامي الحكومة الذي لا يرتدي الروب ، وهنا ساد صمت قصير ، بادر على أثره رئيس الجلسة المستشار المطاوعة إلي الطلب من محامي الحكومة أن يرتدي الروب ، وبالفعل ذهب إلي خارج القاعة وبقينا ننتظر بضع دقائق حتى عاد يرتدي روبا أسود أصغر من مقاسه ، واستكملنا الجلسة بعد أن ارتديت الروب الأسود ، وكانت ذكريات .. وفاتت .

■■■■■■■■■■■

في فيلم " البيضة والحجر " للرائع الراحل أحمد زكي ، يظهر مشهد يبين فيه أحمد زكي وهو ينظر إلي لقاءات في الشارع بعد انهيار عمارة على ساكنيها ، وكان الحوار مع المذيعة ومع امرأة عجوز تجيب عن أسئلتها وهي تغسل في طشت الغسيل :

المذيعة : بقالكوا أد إيه هنا يا ست ؟

السيدة : بقالنا كثير .. ما تعديش من السنة اللي فاتت .

المذيعة : وعملتوا إيه ؟ .

السيدة : كتبنا جواب للمحافظ ، اللي ربنا يعمر بيته ويخليه ، حوّلنا على البيه الوكيل بتاعه اللي ربنا يحرسه ويحميه ، حولنا على البيه مدير الحي ، اللي الله يوفقه وينصره حولنا على نائب مدير الحي ، ولما رحنا له ربنا يعطيه وينوله اللي في باله ، حولنا إلي وزارة الإسكان ، ولما رجعناهم إدانا البيه رئيس قسم الخيام خيمة من سنة وشويه ، ولما نراجعهم يقولوا لنا استنوا شويه ، وكتبنا أكثر من مائة رسالة لكل الوزراء والمديرين ومحافظ المنطقة .. ده إحنا حتى كتبنا للرئيس ربنا يحميه ويحمي أولاده .. ومافيش رد ..

المذيعة : طب وناويين تعملوا إيه ؟

السيدة : لا .. ده إحنا بنعمل ، إحنا كلنا هنا اجتمعنا وكتبنا جواب وحطينا فيه كل اللي حصل لنا وقلنا فيه شكاوينا وبلاوينا ..

المذيعة : وبعتوا الخطاب يا ست ؟

السيدة : أيوه .. طبعا .. بعتناه وزمانه وصل بعد ما بخّرناه ورشينا عليه مية الورد والفل .

المذيعة : وبعتوه لمين بقى ؟

السيدة : هو فيه غيره .. مدد يا سيدنا مدد – بعتناه طبعا لسيدنا الحسين !!



وهنا انتقلت الكاميرا إلي أحمد زكي الذي انفجر ضاحكا ، وانفجرت أيضا معه من الضحك على حكومتنا العربية من البحر إلي البحر .. وخيبتها القوية ..

 
■■■■■■■■■■■


صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق