الاثنين، 9 يوليو 2012

بـل بـــوم المهلــب ...

سأبدأ بما انتهت به افتتاحية القبس بالأمس ، حين خشيت على الكويت أن تكون " تايتانيك " ، فالسفينتان المهلب والتايتانيك صنعتا بأيدي مهره ، واستخدمت أفضل التقنية في حينها ، وحين غرقت التايتانيك فهو بسبب خطأ في الإدارة والقيادة وليس سوء في الصنعة أو الإشراف ، وكذلك بوم المهلب الذي أحسن صانعون بناءه وإدارته ولازال شامخا رغم إحراقه من عدو خارجي .

-   افتتاحية القبس بالأمس تثير الغضب ليس بسبب اختلاف الرأي معها ، بل بسبب اختلاف ما تقوله الآن يختلف مع ما قالته ذات افتتاحية للجريدة نشرت في 24/8/2009 ،    ونورد بعض ما فيها : " ... الصحافة لا تخترع القضايا .. تزيد اشتعالها ربما وربما تضخمها أو تعممها ... ولكنها بالتأكيد لا تخلقها .." - " انتهى الاقتباس " - .

-    فقط لنستبدل كلمة الصحافة بكلمة " .. الأغلبية النيابية " ، وأيضا ورد في هذه الافتتاحية التي أبدع الراحل سهيل عبود في كتابتها: " ... حكومات العالم مشغولة برفاهية شعوبها وتأمين احتياجاتهم وتحقيق أمنهم وحكومات دولة الكويت لا مشروع ولا رؤية لديها " ، هذا كلام القبس أو ملاكها في 24/8/2009 ، فما الذي تغير " وشحدا ما بدا " ؟ ، وكانت صرخة خوف من طغيان سلطة على سلطة ، أو استغلال سلطة لضعف من أخرى ، ومع ذلك فالكل له حق تغيير رأيه متى رأى شريطة أن تكون له أسبابه .

-   تنتقد الافتتاحية ما اسمته " طعن منهجي بالمؤسسات والقضاء على وجه الخصوص " – وبمتابعتي القانونية فإن الانتقاد القانوني للحكم جاء على سند من عوار قانوني أصيب به تشكيل المحكمة الدستورية ومؤيدا بأحكام تمييز تبين انعدام الحكم – أي حكم – إذا لم تنطبق عليه شروط معينة ، هكذا هو الأمر ببساطة ، وهكذا يجب أن ينظر إليه – انظر الدراسة القيمة للأستاذ المحامي محمد الجاسم - تلوم الافتتاحية الصوت العالي لنواب الأغلبية ، وقد كان صوتهم عاليا أيضا حين كانوا أقلية ، وهو صوت نعتبره حقا في أمور كثر طرحوها وأمورا أقل خالفهم التقدير فيها ، ومع ذلك لماذا يوجه اللوم إلي رد الفعل وليس الفعل ذاته ؟

-   من الذي أوقع الكويت في خطأ الداو وشرطها الجزائي ؟ أليس هو وزير النفط وشركاته ومؤسساته وخبرائه ومجلسه الأعلى الذي تعارضت مصالح بعض أعضائه مع مصالح الكويت ؟ هل ترغبون بأن نذكر الأسماء وكيفية تعارض هذه المصالح وأثرها ونتائجها ؟

-   من الذي منع المشاركة المنطقية لحقول الشمال أليست هي الشركات النفطية ووكلائها الذي تشاجروا على الكعكة ، فخربت الطبخة ؟ 

-     هل تريدون المزيد ؟ هل يتم التباكي الآن على محطة الزور ؟ حسنا أقرأوا ما نشرته الصحف خلال الأيام الماضية حول خلاف لجنة المناقصات مع وزارة الكهرباء حول هذا الموضوع ، وأقرأوا لماذا تتعنت الوزارة في الإلغاء بحجة عدم وجود ميزانية لمحطة الزور رغم أن اللجنة تعارضه ؟ إن القضية ليست بين معارضة نيابية أقلية كانت أو أغلبية حالية أصبحت ، بل أن القيادة والتنفيذ بيد السلطة التنفيذية التي أعطتها افتتاحيتكم براءة تشابه براءة أبناء يعقوب من دم أخيهم .

-   نقول أكثر ؟ ... حسنا يتكلمون في افتتاحيتهم عن القطاع الخاص .. ولازال تقرير دعم القوى العاملة رطبا حول اتهام شركات كويتية عملاقة بالتحايل عليه وتسجيل أسماء دون عمل حقيقي ، فلم تقم هذه الهيئات والمؤسسات والشركات المالية الخاصة بتطبيق الوظيفة الاجتماعية للمال كما حددها الدستور ، بل كانت الرغبة في التجاوز على قانون عام لمصلحة خاصة ؟

-   هل نزيد ؟ اذكروا لي مشروعا حكوميا واحدا نجح بإمتياز ؟ أين عقاب من تسبب بكارثة محطة مشرف ؟ أو جامعة الشدادية ؟ أو حتى جسر جابر ؟ أين محاسبة من تسبب بخسائر استثماراتنا ، وتحويلات وإيداعات لمن لا يستحق ؟ من يجب أن يلام ؟ من يرتكب الفعل وبيده السلطة والأمر والنهي والميزانية ؟ أم الذي وصفه الدستور مشرعا ومراقبا فقط ؟

-       من نحاسب صاحب اليد الطويلة ؟أم صاحب الصوت العالي ؟ وأيهما خطرا على الكويت وأموالها وكيانها ؟

-   أين خطة الطوارئ الحكومية ونحن في إقليم يغلي ؟ أين أولويات المواطنة من سكن وإسكان تم تجاهله حتى يقوم " كبار القوم " بتصريف أراضيهم بمئات الملايين . أين الاستثمار في البشر والإدارة الحكيمة والحرص على الأفضل ؟ ، من هو المطالب بأن تكون له رؤية ورأي في هذه البلاد ؟ أليست هي الحكومة كما أوردتم في افتتاحيتكم في 24/8/2009 أو الشعب من خلال نوابه ؟ من يتولى القيادة والإدارة ؟ أليست هي السلطة والحكومة ؟ لماذا نخلط الأوراق ، ونعلي الأصوات ونطمس الحقائق ؟ ماذا فعلت هذه الحكومات في أيام غياب المجلس وتقييد الصحافة والحريات ؟ هل تقدمنا في شيء ؟ هل استثمرنا في أهلنا ؟ أم كان كل همهم هو تضخم أرصدتهم سحتا يأكلونه من أموال أهلهم وشعبهم .

-   افتتاحية القبس جاوزت الأمر سنامه ، وألقت بإتهام – لو صح – لوجب عقاب من ينسب إليه ، وقارنت بين مثل التايتانيك التي أحسنوا صنعها وهيأت لدورها ، وزرعوا الثقة في ركابها وحين أبحرت في بحرها ، تراخت القيادة وأهملت التقدير وانتفخوا غرورا وزهوا ، واعتمدوا على من لا يعتمد عليه .. فكانت النتيجة كما نعرفها ....

-   أما بوم المهلب ، فقد صنع جيدا ، وتولت إدارته قيادة ماهرة حريصة ، دقيقة ، موثوق بها ، وها هو الآن يشمخ بوجوده ، بينما التايتانيك غارقة في أعماق محيط سحيق ..

-       فهل لم تجدوا أفضل من هكذا مثل ليطابق حال الكويت ؟!

-       كل ما نقوله رحم الله ... سهيل عبود ...   


صلاح الهاشم    salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق