الاثنين، 11 مارس 2013

رسالة إلى.. مجلس الأسرة

بتداء، يجب التأكد من أنه لولا تأكيد العرف الكويتي بمخاطبة الأسرة ورموزها، ما كان يمكن لهذه الرسالة أن تكتب وتنشر وتصل، وهي عادة رائعة وعرف حميد وصفة طيبة أن يكون هناك من يتكلم، والأحمد والأطيب والأروع أن يكون هناك من يسمع ويستمع..
هذه واحدة..

 
والثانية، لا يخفى على مجلس الأسرة الذي يرأسه سمو ولي العهد ويضم كافة فروع الأسرة الحاكمة الكريمة، - لا يخفى عليها ويجب ألا يخفى عليها - أن الأوضاع في الكويت بلغت حداً من التجاذب والتشاحن والترصد مبلغاً لم تبلغه طيلة فترة نشأة الكويت، فلم نعهد تشنجاً في الطرح، ولا عناداً في الرؤية، ولا تعسفاً في استخدام سلطة تفقد هذه السلطة مشروعيتها من سلطات الدولة الثلاث، ولذلك فإن اللجوء إلى مجلس الأسرة، رغم عدم النص على وجوده قانونا أو دستورياً، ليس إلا إيصال رسالة من مواطن إلى من يعتقد أن النقاش والصراع السياسي والاقتصادي في الكويت قد يؤدي إلى نشوء صراع اجتماعي نربأ بأفراد الأسرة الحاكمة الكريمة أن يكونوا شهوداً على وجوده أو سبباً لخلقه.
هذه ثانية..


والثالثة فإنه ليس بخاف على أحد من الأسرة الكريمة أن الخلافات بين بعض رموزها وشبابها قد بلغت حداً وصل ببعضهم إلى استخدام مؤسسات الدولة وكياناتها لتصفية خلاف هنا أو مصلحة هناك، فمؤسسة مثل مجلس الأمة أو الصحافة أو حتى أجهزة التواصل الاجتماعي لا ينبغي لها أن تكون وسيلة لتسوية خلاف أو سوء فهم من أفراد الأسرة من خلال أدوات مبهمة غير معرّفة سوى بالتواتر والتقابل والاستنتاج، بل إن حل هذا الخلاف - حتى لا نقول الصراع - يتم وينبغي أن يتم داخل مجلس الأسرة وبإشراف رموزها وأقطابها الكرام الذين يسود احترامهم وتقديرهم كل فئات الشعب الكويتي، ومن باب أولى وأخص فإنه يتعين أن يكون أفراد الأسرة جميعا، والبالغ عددهم أكثر من ثلاثة آلاف وسبعمئة فرد عوناً لكبارهم وحكمائهم، بدلاً من خوض معارك وخصومات تزيد من تفكك عمود الخيمة الكويتي، وأعني تماسك هذه الأسرة الذي ينعكس على تماسك المجتمع الكويتي بأكمله.


هذه الثالثة..
 والرابعة.. فإن أسرة الحكم الكريمة تكاد تكون هي الأسرة الحاكمة الوحيدة في التاريخ التي يبايعها شعبها على حكمه مرتين، الأولى حين اختيار صباح بن جابر (صباح الأول) في سنة 1743، والثانية حين دعا الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران إلى حق تقرير المصير للكويتيين خلال العدوان العراقي المجرم على الكويت في 2 /8 /1990، وتداعى الكويتيون ورموزهم للمبايعة الثانية لهذه الأسرة الكريمة في مقالة كريمة ورائعة دخلت كتب وتاريخ الكويت السياسي من خلال المرحوم عبدالعزيز الصقر، وبالتالي ليست هناك خشية أو حتى ملامح خشية من منازعة أو تعدّ أو تجاوز على حكم اختاره شعب الكويت، وعلى حكام ارتضوا بيعة شعبية لهم مرتين على مر الزمان.


أما الخامسة.. فإن مجلس الأسرة ينبغي له - ونقولها حرصاً وحبا وحفظاً وتطبيقاً لولاء نعرفه ونتشبث به - إنه حيث يكون أقطاب من النظام يملكون رؤية مختلفة لسير الأمور مثل الشيوخ ناصر صباح الأحمد، أو محمد صباح السالم أو فهد سالم العلي، فإن آراءهم تلك لا تمثل فكرهم المجرد، بقدر ما هي تعبير عمن يتشاطرها معهم من كثير من أهل الكويت، وإذا كان العتب مسموحاً - ونحسبه كذلك باعتباره على مستوى ومقام المحبة والولاء - فإن آراء هؤلاء الرموز وهم من ذرية مبارك الحاكمة ينبغي أن يعطى لها الوقت والفرصة والوسيلة لعرض الرأي داخل مجلس الأسرة بشكل يحافظ على تماسكها واتحادها في أمور تهم الكويت وشعبها، وباعتبار أن أي خلاف داخل الأسرة ينعكس سلبا وبصورة سيئة للغاية على مجاميع كثيرة داخل مجتمع صغير وقوي ومتعدد الآراء كالمجتمع الكويتي، وأيضا حتى لا يصار إلى استقطاب آراء يحملها أفراد من الأسرة تجد لها معيناً وصدى يتعين الاستجابة لها من مجلس الأسرة ذاته، بدلا من البحث عن مصادر من الشعب تختلف توجهاتها باختلاف مصالحها وآرائها. 
أما السادسة فهي بيت القصيد، أو زبدة القول، فإننا نتمنى أن تكون لمجلس الأسرة أدوار بارزة وثابتة في ثلاثة أمور أساسية تضمن للكويت استقراراً سياسياً واقتصادياً 
وأمنياً، وهي:


أولا: وضع لوائح ونظام مؤسسي للمراكز الأربعة الأولى في حكم البلاد، ولما كان منصبا الأمير وولي عهده قد حسما دوماً أثناء تولي الإمارة، فإن عدم ترتيب الدورين الثالث والرابع قد أدخل البلاد والعباد في صراع خفي أحيانا ومعلن أحيانا أكثر، ما يجعل الأمور لا تستقر لها على حال، ولذلك فإن تحديد مجلس الأسرة لذلك هو صمام أمان يجب احترامه وتنفيذه من كل أفراد الأسرة الحاكمة ضماناً للكويت وأهلها.


ثانيا: الكويت مقبلة على خطة تنمية عملاقة، ومن نافلة القول أن نردد مع حكماء الكويت أنه لا يجتمع حكم مع تجارة، نقولها بكل الثقة والحب، فقد رأينا ما حدث ويحدث بتداخل الحكم وسلطاته ومسؤولياته مع التجارة ومخاطرها وخصوماتها، ولا نقول أكثر.


ثالثاً: الحرص على تطبيق القانون وفق ما أورد سمو الأمير أكثر من مرة، ولن نورد أمثلة أو أحداثا بينت خلاف ذلك أخيراً، ما أوجد ثغرة من عدم الأمن وزعزعة ثقة ترسخت على مدى أكثر من ثلاثمئة عام بأن القانون هو السيد ولا سيد فوقه إلا بسلطان.. وفهمكم كفاية!! 

 
أقول ما قلته وفي القلب كلام كثير، وفي اللسان حروف جامدة، وفي العقل مرارات واستنتاجات تصول وتجول خائفة وقلقة ومتوجسة على بلد ووطن وأرض وشعب وقيادة، عشنا معهم وبهم، فمابالنا أصبحنا كلاً مشتتاً؟ 
سؤال يلح على البال.. ولن تكون إجابته إلا لدى مجلس الأسرة.!
نقول ما قلناه.. وبقي أن نسمع ما يجب أن نسمعه...   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق