السبت، 11 فبراير 2012

أسئلـة تبحـث عـن إجـابــة

يحيرني دوما كيف للكفيف المولود بعاهته أن يميز الألوان؟ وهل يمكن وصف لون البحر له، ولون الغابات والصحاري والأشجار؟ كيف يمكن تقريب الصورة إليه ولاسيما بالفارق بين المرأة والرجل والطفل والكهل وتجاعيد الوجه، وشكل الفم حين يضحك وحين يأكل؟ كيف يمكن وصف الجمال لديه؟ كيف يمكن مقارنة القبح والبشاعة، وبأي كلمات توصف له؟ صحيح كيف؟

يأسرني عمل النحل والنمل، فهما آيتان من آيات الله، وكلما دخلت إلى عالم الحيوان والطير والمخلوقات الأخرى، أتساءل عن كيفية نقل المعلومة والخبرة من حيوان إلى أبنائه وسائر جنسه؟ كيف ترى كل القطط وهي تقوم بدفن فضلاتها في الرمال، وهو تصرف تقوم به كل قطط العالم؟ كيف للنحل أن يقوم بخدمة ملكته ويموت الذكر فيها وهو يقوم بتلقيحها عامدا متعمدا، وكأنه انتحار اختياري أساسه الجنس وسببه التكاثر؟ كيف للنمل أن يقوم وبنظام غريب متقن منذ ملايين السنين بإنشاء دول متكاملة تحت الأرض، ويتوزع العمل بين خدم وسادة لديهم؟ كيف للخفاش أن يختار وقت نومه وكيفية طيرانه وأماكن طيرانه وأماكن تواجده؟ لماذا تحرص سمكة السالمون على السباحة عكس تيار المياه فقط لتضع بيوضها ثم تموت بعد ذلك؟ كيف يمكن فهم عالم الحيوان المدهش والمذهل والجميل، ونحن مشغولون عنه بأمور حسم الحيوان أمره فيها منذ زمن!
تقولون كيف؟ انتقلوا معي للفقرة التالية..

لماذا يخشى الناس النمر ويعشقون القطط وهما من فصيلة واحدة؟ ولماذا يألف القوم الكلاب ويخشون الذئاب وهما أبناء عم؟ ولماذا يؤكل الحمام ولا يؤكل الصقر وهما من الطيور؟ لماذا يخفق القلب حين رؤية شخص ما وينقبض حين رؤية آخر؟ وهل هذا التصرف موجود في عالم الحيوان أيضا؟ هل يكره حيوان حيوانا آخر مثله؟ ولماذا تكون إنسانيتنا أكثر حيوانية من الحيوان ذاته؟ وهل الوصف بالحيوانية إهانة للإنسان أم الحيوان؟

هل هناك حيوان كريم وآخر بخيل؟ ما مدى الشجاعة التي يمارسها الحيوان ضد أعدائه، وهل هي موازية لتصرف الإنسان؟ لماذا يتهم الحيوان بعدم وجود العقل رغم ما نراه في حيوانات السيرك والأفلام من تدريب واستجابة وتنفيذ لكل ما يطلب منها، فهل هي بالفعل لا عقل لها؟ وماذا عن الإنسان الذي وضعت له القوانين والمواثيق والعقوبات لتوجيهه ومنعه وردعه، ومع ذلك فهو يخالفها ويفعل عكسها ولا يخشى العقاب، فمن هو العاقل إذاً؟

لماذا يتزوج الناس، ثم يبدؤون بلعن اليوم الذي فكروا فيه بذلك؟ لماذا لا تكتفي المرأة أو الرجل بشريكها أو شريكته؟ هل ما يقوم به الحيوان من التزاوج مع من يشاء من الإناث هو دليل على كمال العقل أو نقصانه؟ (تراجع الفقرة السابقة)، كيف للحيوان أن يتواصل مع جنسه بصورة محيرة ودون أن ينطق، ونحن لا نستطيع إقناع بعضنا بآرائنا رغم القدرة على النطق والسمع والفهم؟ (أيضا اقرأ الفقرة قبل السابقة).

ختاما لديّ تجربة لابد من قولها، كان لدي كلبة جميلة أسميتها لوسي، عاشت معي منذ التحرير حتى قبل أربع سنوات مضت، أي ما يقارب سبعة عشر عاما، أنجبت ثمانية من الجراء، لم أفرط بأي منهم، عاشوا معي، صدقوني تعلمت منهم الوفاء والصدق، فهم يحبونك دون مصلحة، وحتى إذا تأخرت عن إطعامهم حفظوك، كانوا يبتهجون حين أدخل المنزل، وكنت حين أسافر يخبرني من بالمنزل بأنهم توقفوا عن الأكل، فأطلب أن أخاطبهم من خلال السماعة المفتوحة، كانوا يميزون الصوت، ويقبلون على طعامهم، ماتوا كلهم بسبب العمر، فعمر الكلب يساوي سبع سنوات لكل سنة بشرية، دفنتهم في حديقة صغيرة داخل المنزل، ومازلت أفتقد حنانهم ووصالهم، وصدقوني ودون إهانة أو إساءة لأحد، كلما اقتربت ورأيت وسمعت الإنسان ازددت حبا وقربا لمخلوقات الله الجميلة الأخرى.
لماذا؟ سؤال مازلت أبحث له عن إجابة.

صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق