السبت، 15 مارس 2008

حــوار مـع صـديقـي الإيـرانـي ...

كانت الشمس تميل إلي المغيب في دار المصيف في مدينة الجميره بدبي ، و كانت خيوطها الذهبية تغطي ضفتي الخليج العربي غربا" و الفارسي شرقا" ، و كنا جلوسا" نتأمل هذا المنظر الجميل و كانت الخيوط القانية البرتقالية و الحمراء تنبئ عن جمال نغفل عنه دائما" ، كان صديقي الإيراني جالسا" مع زوجته المرتدية اللباس الأوربي البسيط ، مما شجعني على سؤالها مباشرة : ترى هل يختلف طعم الحرية هنا و هناك ؟ و أشرت إلي ناحية إيران ، أجابت : و هي تعدل من خصلات شعرها الذي بدأت تغزوه خيوط الشمس الغاربة : إذا كنت تعني حرية اللباس ، و خلع التشادور ، و سماع الموسيقى و الرقص ، فأقول لك نعم و لكننا نطمع الآن إلي الحرية التي كانت لدينا أيام الشاه و هي ما نفتقده كثيرا" ، ألتقط زوجها طرف الحديث قائلا" : كان لدينا ديكتاتور قوي و لكنه عاقل ، و رغم وصفه بشرطي المنطقة ، إلا أنه يحسب حساب التوازن الدولي ، بعكس ما هو حاصل الآن .

سألته : أخبرني عن تفسيرك لإصدار إيران طابع بريدي يحمل صورة عماد مغنيه ، لاسيما مع وجود علاقات جيدة مع الكويت ، و كيف تتوقع من السلطات البريدية في الكويت مثلا" التعامل مع رسائل ترد إلي الكويت و عليها هذا الطابع المستفز لمشاعر أهل الكويت .

أجابتني زوجته بسرعة خشية أن يسبقها زوجها : هذا ما نعنيه حين نقول بأننا نفتقد عقلية الشاه في الإدارة ، و لكن ما هو الضرر الذي سيصيب الكويتيين من طابع بريد ؟
أجبتها بهدوء : حسنا" ، سأجيب عن سؤالك : ... بسؤال ... ماذا يحدث لو قررت وزارة المواصلات بالكويت إصدار طابع بريد يحمل صورة الشاه السابق ، بل و صورة ابنه الشاه الحالي و صورة كل من أفراد الأسرة الشاهنشاهية ، بل قد تبادر الوزارة و تحت ضغط جماهيري إلي إصدار طابع بريدي يحمل صورة مسعود رجوي زعيم مجاهدي خلق و زوجته مريم ، و قد تقوم جمعية ليبرالية بإحياء مجلس لتأبين الشاه في يوم وفاته و تدعي ابنه لحضور هذا التأبين ، ثم تقوم جامعة الكويت بعقد مؤتمر وطني لعرب المحمره أو عربستان ، و تستدعي زعماؤهم للحديث عما يعانونه .. و قد تستمر قائمة الإفتراضات تلك إلي درجة تصبح الكويت ، تلك الدولة الصغيرة و التي تعتقد إيران بضعفها ، شوكه في الخاصرة الإيرانية ، و هو سيناريو لا نرغب نحن في الكويت فيه أو حتى من قبل الشعب الإيراني ، قاطعتني زوجته بإنفعال : و لكن هذا كله سوف يزيد الأمور اشتعالا" في وقت نحن بحاجه فيه إلي الحكمة و ليس التطرف .

هنا شعرت بضرورة تغيير الحديث فقد بدأت عصافير المعدة تنادى لاسيما مع تصاعد روائح المطعم الفارسي القريب فقلت لهما و أنا أهم بالنهوض من مقعدي : الحكمة و التعقل ليس لهما جنسية أو هوية ، و إيران جاره بالجغرافيا و قريبة بالتاريخ و لصيقه بالدين و العلاقات فلمصلحة من يتم تعمد إثارة الكويت و دفعها إلي الحائط الأمريكي و العربي ، و هو حائط قد يسبب نتائج و تغييرات في المنطقة ليست في صالح أهلها .

كان العشاء شهيا" ، فقد ابتدأنا بمرق الشبزي و الجلو كباب و العيش الملون مع حبيبات الرمان و انتهينا بالفالوده .. و هي كلها عوامل إيرانية إما أن تستطعمها أو أن .... تنبذها....

صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق