الخميس، 20 مارس 2008

حكــومــة تكــره تـاريخهــــا...

يحلو لي أحيانا" المشي و التسكع من مكتبي في شارع الجهره إلي سوق المباركية ، مرورا" بسوق الحريم و هم ليس من الحريم بشيء سوى بعبائتهم السوداء ، فلا تعلم عنهنّ شيئا" ، و كلما مررت بهذه الأسواق القديمة أشعر بالحزن فلا شيء يسر الخاطر ، فسوق الغربللي احتوى الخراب و الدمار و القذارة التي لحقت به و هو الذي كان إلي عهد قريب متعه للناظر ، و بهجة للمشتري و المتسوق ، فالأرصفة محطمة ، و ماء المجاري يتدفق لا تعلم من أين ، و السيارات تزاحم السابلة و المارة و الوقوف حدث و لا حرج ، و تنظر إلي الأعلى فتجد السقف الخشبي على وشك السقوط في بعض أجزائه دون حتى محاولة لحماية المتسوقين ، و تدخل إلي سوق المقاصيص ، و تتألم لرؤية مشاهده و حالته ، و تداخلت الأسواق الجميلة مثل سوق السلاح و سوق الزل و سوق البشوت ، و تختلط روائح المحلات و المطاعم و البقالة في توليفه جميله ، نسترجع معها ذكريات لم يحافظ عليها أحد ، و تدخل إلي السوق الداخلي ، و تتزاحم في الفكر و العقل الأحداث الدامية التي حدثت سنة المجلس ، و تداعياتها ، و مع ذلك حرصت على الذهاب إلي قصر الشيخ خزعل خلف السفارة البريطانية ، و الذي كان متحف الكويت السابق و جار قصر دسمان .. فهالني ما رأيت من تراكم القاذورات و تهدم هذا المبنى الأثري الرائع ، و أزكمت أنفي روائح كريهة بعد أن تم تحويل هذا القصر إلي مرحاض عمومي ، و رغم القيمة التاريخية لهذا الأثر إلا أن صمت وزارة الإعلام و المجلس الوطني للفنون و الثقافة و بل حتى الديوان الأميري ينبئ عن أن الأمر ليس مصادفة بقدر ما هو محاولة لحذف جزء مهم من تاريخ الكويت و إغفاله ، و لا نعلم لمصلحة من ؟ ، و مقابل هذا الصرح هناك بيت الغانم ، و هو تحفه معمارية رائعة ، و استطعت بصعوبة شديدة أن أدخل إليه ، و هالني منظر الخراب الذي يخفي مسحه جمالية من الفسيفساء الإيراني على حوائط الدور ، و الأعمال الخشبية أو ما بقي منها ، و هو قصر لا أعلم لماذا تخلت عنه عائلة الغانم الكريمة و لماذا لا يبادر أحد أبنائها إلي إصلاحه و ترميمه فهو قطعة من تاريخ الكويت ، و مع ذلك أخفيت حزني في ضلوعي و ذهبت إلي بيوت بهبهاني خلف الكنسية الكاثولوكية فوجدتها قد تحولت إلي مطاعم للمشاوي و الكباب و البيتزا ، و عاثت يد الحداثة و المدينة في هذه البيوت الرائعة ، فحولتها إلي مسخ معماري لا يشبه شيئا" ، استدرت عائدا" بسيارتي ، و عند إشارة المرور القريبة صدمتني لافته كبيرة مكتوب عليها " قرية البحار " و هي بيوت خشبية تم بنائها لتكون شبيهه بالبيوت القديمة و لازال السؤال حائرا" في عقلي : لماذا تدمر البيوت الأصيلة ؟ و تبنى بدلها بيوتا" مسخ لتشبهها ؟ سؤال لا أملك إلا التنهد و الحسرة حين أفكر في إجابته ...

صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق