في مذكراته بقول الجنرال ديغول ، كلما واجهت أزمة دولية أو اضطررت إلي اتخاذ قرار سياسي مصيري ، لجأت إلي خريطة العالم ثم إلي الأقليم الذي تشمله هذه الأزمة أو القرار ، استذكرت مقولة هذا القائد الفذ و أنا أطالع خبر ملفت للنظر تم الأسبوع الماضي ، فقد أبرمت دولة الإمارات العربية إتفاقا" مع أمريكا بشأن إنشاء محطات طاقة نووية للإستعمال السلمي ، و كذلك قامت الجزائر بذات الأمر مع فرنسا و روسيا ، التي وقعت اتفاقا" مشابها" مع مصر ، و من أسف أن نرى عدم التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي و هي التي تغطي دولها كامل الجزيرة العربية إذا أضفنا اليمن بشطريه و لا أفهم حقيقة سبب انفراد دولتين على الأقل حتى الآن هما الإمارات و السعودية في توقيع اتفاقيات منفصلة بشأن ذات الموضوع ، فالسعودية بما حباها الله من مساحات شاسعة تستطيع أن تكون هي القاعدة الرئيسية لهذه المحطات – في أماكن تكون قريبة من كافة الدول العربية التي تحيط بها من كافة الإتجاهات ، و يمكن لهذا المشروع لو تم التنسيق من خلال دول مجلس التعاون و بالخبرات الأجنبية أن يكون نواة لمصدر طاقة هائل يوفر بشكل كبير الإستهلاك الغير ناضج للطاقة النفطية الناضبة ، فدول مجلس التعاون الخليجي تنتج بحدود عشرون مليون برميل يوميا" يذهب نصفها تقريبا" للإستهلاك المحلي لتوليد الطاقة ، فإذا علمنا أن الطاقة النووية هي طاقة نظيفة و رخيصة نسبيا" على المدى الطويل لاسيما مع وجود طاقات بديلة مثل الغاز الطبيعي الذي يمكن الإستفادة منه كرصيد مستقبلي ، أيضا" لا يجب أن ننفي ضرورة توافر إمكانية تدريب شباب المنطقة الخليجي على هذه التقنية الجديدة ، و توافر المعاهد المتخصصة بالطاقة النووية ، و إثراء نطاق البحث العلمي في ظل اتفاقات تعاون مع الدول العظمى ، فمؤسسات البحث العلمي في هذه الدول اقتصر عملها للأسف الشديد على إنتاج ثمرة الفقع كما يفعل معهد الأبحاث الكويتي ، أو تحليل و إثبات وجود أنهار منذ ملايين السنين في وادي الجزيرة العربية كما تفعل معاهد أبحاث أخرى !!!
القضية ليست استهلاكا" محليا" و ليست ردا" على التطور أو التدهور الإيراني في مجال الطاقة النووية ، المسألة هي في إقتناع قادة مجلس التعاون – بعد أن تم تغييب المواطن – اقتناعهم بأن المستقبل هو للطاقة النووية ، و ليس في حرق ثروة الأبناء و الأحفاد من الأجيال القادمة ، إنها دعوة لتعجيل الأمر و التنسيق بشأنه ، و نأمل أن تكون دعوة مستجابة .
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق