الاثنين، 1 يوليو 2013

الكبير يبقى كبيرا عبدالحسين عبدالرضا

-   عام 1964 كنت في التاسعة والشقيق الأكبر الأستاذ فؤاد في الحادية عشر ، كنا بعيدين عن السياسة وهمومها ، أذكر تلك الليلة جيدا .. أيقظنا الوالد يرحمه الله – من نومه الظهر الإلزامية ، وطلب منا الاستعداد للذهاب إلي المسرحية ، كان لفظا – غريباعليناـ اصطحبنا في سيارته البلايموث الأخضر ، إلي مسرح كيفان ، كانت جموع من الناس واقفة ، أمرنا بالانتظار في مكان ما من المسرح ، عاد بعد دقائق غاضبا" نفذت التذاكر " أخبره من بالشباك ، أصّر على رؤية مدير المسرح ، كان الراحل الفنان خالد النفيسي – يرحمه الله – رأيناه يدخل في حوار مع والدي ، الذي رفض أن يقبل كلمة " لا " ، حلا للإشكالية تدبر لنا مقاعد في الطابق العلوي من المسرح ، جلسنا في الصف الأول منه ، أبهرتني أضواء المسرح وستائره الحمراء المذهبة ، كان دخان السجائر يغطي الأجواء كغمامه بيضاء ، ساد صمت ، ثم ثلاث دقات خشبية تعلن فتح الستارة ، ظهر النجوم وكانوا لازالوا وسيبقون نجوما ، الكبير عبدالحسين عبدالرضا والرائع سعد الفرج ، والعملاق خالد النفيسي والمبدع جوهر سالم ، والمتقمص لدوره عوعو ، والجميلة مريم الرقم والراحلة العظيمة مريم الصالح وآخرين أكملوا جمال المسرحية ، كانت " الكويت سنة 2000  ، وكلما ظهر مشهد أو قيل حوارا ضجت الصالة بالتصفيق وأولهم والدي ، وكنت أرى سيجارته " غازي " وهو يضعها بين شفتيه لكي يصفق لهؤلاء الكبار ، و يقول متذمرا " ستكون الكويت كذلك لو استمرينا بما نحن فيه " كنا نسمع شقيقي فؤاد وأنا ، ولا نعبأ كثيرا بالحوار وإن كانت جملة " دقي يا ساعة دقي " للنفيسي تتردد كلازمة مضيئة تشق عتمه ليل .

-   استذكرت هذا كله وأنا أشاهد الكبير عبدالحسين عبدالرضا على شاشه الوطن قبل أيام ، وحرصت على رؤية اللقاء أثناء إعادته أكثر من مرة ، وازداد احترامي وتقديري لهذا الكبير في كل شيء حتى في تواضعه واعتذاره أن بدرت منه زلة ، " فوتوّلي " – يقولها بوعدنان بمحبة -ومن لا يفوّت لأبوعدنان ما يقوله وما يفعله ؟

-   صريح إلي درجة الحزن ، والانكسار ، يتحسر على بلده – وهو محق - ، ومسرحه وفنونه ، قالها صريحة " ما يبون مسرح " ولا ندري من هم ؟ هل هم السلطة الخائفة والشيوخ الذين يضعفون عند أول صرخة من المتأسلمين ؟ أم من القوى الدينية التي تتربص بالمسرح والفنانين والفن عموما ؟ أم من هذا الصمت العاجز الذي تمارسه كل القوى المدنية والتنويرية بالكويت وهم يشاهدون نور الكويت وضيائها يخبو ويخبو وهم يكتفون بالتحلطم والتقرطم ؟ حزنت لحزن بوعدنان ، وددت لو أهمس في أذنه " لقد أسمعت لو ناديت حيا يا بوعدنان ، ويا مطوطي في جليب ، فليس القوم الآن أو وزراء الإعلام الآن سوى صور باهته وكرتونية وكأنهم ماء زلال لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة ، وإن كان العتب الأكبر على من نصنفهم بالليبراليين كالسنعوسي ابن الكار وابن الفن أو النصف أو بن طفلة ، وكأنهم يذكرونني بالمثل العربي الساخر القارص " شهاب الدين أ ... من أخيه !!! " شاهدته يتحسر ويتألم وهو يستذكر الرائع الشيخ جابر العلي حين كان وزيرا للإعلام ، هذا الكبير بوعدنان ، لا يجب أن نراه كممثل عملاق ورائع فقط ، بل هو إنسان وطني حتى النخاع تأخذه الغيرة على بلده و ناسه وأهله ، يحزنه تكبيل يديه وتكميم صوته في بلده ، يضايقه عدم وجود مسارح ودور عرض ولو بنيت على حساب الفنانين ، يتسائل ويتحسر ويضرب كفا بكف ، ولو أنصف الزمن يا بوعدنان – وما هو بناصف – لهوت كفوفك على وجوه من يتعمد تعطيل وإلغاء نور الفن وإشراقته من حياتنا .      
-   أتمنى عليك يا بوعدنان أن تخوض الانتخابات البرلمانية القادمة في أية دائرة تختارها وسوف نكون ومعي الكثير مفاتيح انتخابية لك ، فقط حتى تستطيع أن تشرّع لنا وتقول ما عجزنا ومللنا من قوله ، ربما وأقول ربما يسمع صوتك من كان به صمم !! وهم كثر !!
-   الكبير بوعدنان ، لم أقبّل في حياتي رأس أحد سوى والدتي – أطال الله عمرها – فقد توفي أبي ونحن صغار ، ولكنني أقولها علانية ومكتوبة ، سأضع قبله على جبينك تعبيرا عن الامتنان والعرفان والتقدير لإنسان أسعدنا وأمتعنا وأضحكنا وأحيانا أبكانا على أنفسنا وذواتنا ، لك دوام الصحة يا كبير الفن ، وأطال الله عمرك ، وأبقاك للفن ورسالته وأهدافه رمزا وذخرا .      
●●●●●●●●●●●●●●●
  
للرقيب كلمة :
ألم يأن الأوان لإطلاق اسم الكبير بوعدنان ورفاق دربه على العديد من المؤسسات والمسارح والاستوديوهات الفنية في الكويت ؟ أهكذا يعامل كبارنا ؟ أليس فيكم من رجل رشيد ينزل هؤلاء الكبار منازلهم .
من يجرؤ على الإجابة .. فليرسلها لي..
تعليق الرقيب : لا تعليق !!


للرقيب كلمة قانونية :
لست معنيا بالتنبؤ بمنطوق حكم الدستورية في 16/6 ولكنني أعلم شيئا واحدا بحكم المهنة و الخبرة ، أن ما سوف يرد في حيثيات وأسباب الحكم سيكون أخطر بكثير من المنطوق ذاته ، وسوف تشكل هذه الحيثيات قواعد دستورية آمره إلي وقت طويل من الزمن .
لننتظر .... ونرى !!   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق