الــــرقيـــــــــــــب :-
الجمــع بيـن حـلاليــن ... حــلال ...
لازلت استذكر بكل احترام و حب قول الأستاذ الدكتور عثمان عبدالملك – يرحمه الله - أثناء محاضرة الدستوري حين إحتد على سؤال افتراضي سأله أحد الزملاء فأجابه : " لا تسمحوا لأحد بأن يعبث في عقولكم ، فهي نعمة الخالق و ليست هبه من مخلوق " ، و على هدى هذه الجملة و إرشادها حرصت دوما" على اختيار القضايا التي تشغل العقل و تحفز التفكير و تطلق العنان للإجتهاد ، و من ضمن هذه القضايا التي أعتز بها كثيرا" ، قضية رفعناها عام 2001 و هي الطلب بصحة و نفاذ وصية تجاوزت حدود الثلث ، و قبل أن أقبل هذه القضية رجعت إلي كتب الفقه و التفسير و قبلهم إلي القرآن الكريم و الحديث الشريف ، و قرأت بكل تمعن الكتاب القيم و الرائع للدكتور الفقيه محمد شحرور بعنوان " نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي " – فقه المرأة – الوصية و الإرث – القوامة و التعددية - اللباس " ، و وجدت أن هذا الفقيه أثار فكرة الوصية مستندا" على القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة ، و استندت في صحيفة الدعوى التي رفعناها إلي فقرات عديدة من كتابه منها و أهمها :
" ابتداء نود التأكيد على قضية رئيسية أولى و هي أن من رحمة الله على عبيده أنه لم يغلق باب الإجتهاد و التفسير ، و جعل البحث في معاني القرآن الكريم و آياته و سورة المعجزات سبيلا" لفهم أحكام هذا الدين العظيم و مدى إنطباق الواقع المعاش على هذه التعاليم السامية و الثابتة " .
و رغم أن الجاري عمله هنا في الكويت و من خلال وزارة العدل هو الإستناد إلي حديث أحاد هو " لا وصية لوارث " و أيضا" حديث نبوي صحيح ما معناه أن الوصية في حدود الثلث و الثلث كثير ، و في سياق ذلك يقول الدكتور شحرور في مؤلفه القيم ، بأن هذا الحديث يجب أن يؤخذ على جواز الوصية أولا" قبل الإرث بإعتبارها حلالا" مشروعا" ، أما تحديد النسبة و مقدارها فهو جمع بين الحلال و الحلال أي الوصية و النسبة و بالتالي يجب أن ينظر لها من باب الآيات القرآنية الكريمة الخاصة بالوصية و التي بلغت عشر آيات و آيات الإرث ثلاثا" ، مما يؤكد أهمية الوصية و ضرورة شرحها و تأصيلها .
و مع ذلك كله – يسترسل الدكتور شحرور – فنحن نجد الفقه المطبق اليوم ليعطي الأولوية المطلقة للإرث و أحكامه و ليس للوصية و أحكامها ، بل و يصر الفقه الحالي على نسخ آيات الوصية القرآنية و بخاصة قوله تعالى : " الوصية للوالدين و الأقربين " بحديث أحاد منقطع رواه أهل المغازي هو " لا وصية لوارث " ، رغم وضوح الآية بإعتبار حق الوالدين و الأقربين في الوصية .
كما يخلط الفقه المطبق الآن بين مفهومي الحظ و النصيب فيعتبرهما واحدا" رغم أن النصيب هو حصة الإنسان في الوصية " للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون " – النساء – أما الحظ فهو ما يصيب الإنسان من الإرث ، و هو إجتهاد و تفسير من الدكتور شحرور يلقى له تأييدا" في القرآن الكريم و الفقه الإسلامي .
و قد استرسلنا في الحديث في صحيفة الدعوى ، و قدمنا نسخة من الكتاب إلي كل دائرة نظرت القضية ، و أحيلت القضية إلي نيابة التمييز في الأحوال الشخصية و قدمت مذكرتها حيث أوردت فيها أنه لا يجوز أن تتجاوز الوصية عن الثلث إلا بإجازة الورثة أو بعضهم ، و بالتالي فقد كان دفاعنا آنذاك ، بأنه إذا كان يجوز تجاوز الثلث بإجازة الورثة ، فإن المسألة إذا" ليست داخله في نطاق التحريم و الحلال ، و إذا كان الجمع بين الوصية و موافقة الورثة أو بعضهم تجيز ذلك ، فالأمر ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه بإجازة الوصية وفق الآيات القرآنية العشر الخاصة بالوصية ، ثم إن العقل هو نعمة الله على عبيده فإذا كان الدين الإسلامي أجاز لمالك المال وهبه و منحه و إعطائه في حياته لمن يشاء دون تقييد ، فلماذا نجعل عليه قيدا" في تصرف الوصية و هو التصرف بعد الموت ؟؟
أسئلة عديدة طرحناها في هذه الدعوى و كانت بحق من القضايا المميزة التي لازلت استذكرها ، و لازلت انتظر جدلا" من المتخصصين لإثراء الحوار حول هذه القضية التي تهم الكثير ....
و قد يسأل بعضكم عن الحكم و منطوقة و أسبابه ، و هذه قصة و للقصة قصة أخرى ...
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
الجمــع بيـن حـلاليــن ... حــلال ...
لازلت استذكر بكل احترام و حب قول الأستاذ الدكتور عثمان عبدالملك – يرحمه الله - أثناء محاضرة الدستوري حين إحتد على سؤال افتراضي سأله أحد الزملاء فأجابه : " لا تسمحوا لأحد بأن يعبث في عقولكم ، فهي نعمة الخالق و ليست هبه من مخلوق " ، و على هدى هذه الجملة و إرشادها حرصت دوما" على اختيار القضايا التي تشغل العقل و تحفز التفكير و تطلق العنان للإجتهاد ، و من ضمن هذه القضايا التي أعتز بها كثيرا" ، قضية رفعناها عام 2001 و هي الطلب بصحة و نفاذ وصية تجاوزت حدود الثلث ، و قبل أن أقبل هذه القضية رجعت إلي كتب الفقه و التفسير و قبلهم إلي القرآن الكريم و الحديث الشريف ، و قرأت بكل تمعن الكتاب القيم و الرائع للدكتور الفقيه محمد شحرور بعنوان " نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي " – فقه المرأة – الوصية و الإرث – القوامة و التعددية - اللباس " ، و وجدت أن هذا الفقيه أثار فكرة الوصية مستندا" على القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة ، و استندت في صحيفة الدعوى التي رفعناها إلي فقرات عديدة من كتابه منها و أهمها :
" ابتداء نود التأكيد على قضية رئيسية أولى و هي أن من رحمة الله على عبيده أنه لم يغلق باب الإجتهاد و التفسير ، و جعل البحث في معاني القرآن الكريم و آياته و سورة المعجزات سبيلا" لفهم أحكام هذا الدين العظيم و مدى إنطباق الواقع المعاش على هذه التعاليم السامية و الثابتة " .
و رغم أن الجاري عمله هنا في الكويت و من خلال وزارة العدل هو الإستناد إلي حديث أحاد هو " لا وصية لوارث " و أيضا" حديث نبوي صحيح ما معناه أن الوصية في حدود الثلث و الثلث كثير ، و في سياق ذلك يقول الدكتور شحرور في مؤلفه القيم ، بأن هذا الحديث يجب أن يؤخذ على جواز الوصية أولا" قبل الإرث بإعتبارها حلالا" مشروعا" ، أما تحديد النسبة و مقدارها فهو جمع بين الحلال و الحلال أي الوصية و النسبة و بالتالي يجب أن ينظر لها من باب الآيات القرآنية الكريمة الخاصة بالوصية و التي بلغت عشر آيات و آيات الإرث ثلاثا" ، مما يؤكد أهمية الوصية و ضرورة شرحها و تأصيلها .
و مع ذلك كله – يسترسل الدكتور شحرور – فنحن نجد الفقه المطبق اليوم ليعطي الأولوية المطلقة للإرث و أحكامه و ليس للوصية و أحكامها ، بل و يصر الفقه الحالي على نسخ آيات الوصية القرآنية و بخاصة قوله تعالى : " الوصية للوالدين و الأقربين " بحديث أحاد منقطع رواه أهل المغازي هو " لا وصية لوارث " ، رغم وضوح الآية بإعتبار حق الوالدين و الأقربين في الوصية .
كما يخلط الفقه المطبق الآن بين مفهومي الحظ و النصيب فيعتبرهما واحدا" رغم أن النصيب هو حصة الإنسان في الوصية " للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون " – النساء – أما الحظ فهو ما يصيب الإنسان من الإرث ، و هو إجتهاد و تفسير من الدكتور شحرور يلقى له تأييدا" في القرآن الكريم و الفقه الإسلامي .
و قد استرسلنا في الحديث في صحيفة الدعوى ، و قدمنا نسخة من الكتاب إلي كل دائرة نظرت القضية ، و أحيلت القضية إلي نيابة التمييز في الأحوال الشخصية و قدمت مذكرتها حيث أوردت فيها أنه لا يجوز أن تتجاوز الوصية عن الثلث إلا بإجازة الورثة أو بعضهم ، و بالتالي فقد كان دفاعنا آنذاك ، بأنه إذا كان يجوز تجاوز الثلث بإجازة الورثة ، فإن المسألة إذا" ليست داخله في نطاق التحريم و الحلال ، و إذا كان الجمع بين الوصية و موافقة الورثة أو بعضهم تجيز ذلك ، فالأمر ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه بإجازة الوصية وفق الآيات القرآنية العشر الخاصة بالوصية ، ثم إن العقل هو نعمة الله على عبيده فإذا كان الدين الإسلامي أجاز لمالك المال وهبه و منحه و إعطائه في حياته لمن يشاء دون تقييد ، فلماذا نجعل عليه قيدا" في تصرف الوصية و هو التصرف بعد الموت ؟؟
أسئلة عديدة طرحناها في هذه الدعوى و كانت بحق من القضايا المميزة التي لازلت استذكرها ، و لازلت انتظر جدلا" من المتخصصين لإثراء الحوار حول هذه القضية التي تهم الكثير ....
و قد يسأل بعضكم عن الحكم و منطوقة و أسبابه ، و هذه قصة و للقصة قصة أخرى ...
صلاح الهاشم salhashem@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق