الخميس، 10 أبريل 2008

حـــــوار على العشــــــاء

في جلسة عشاء ضمت العديد من الزملاء دار الحوار بيني و بين الدكتور غانم النجار و الدكتور شملان العيسى حول الجدل الأخير بشأن الإنتخابات الفرعية ، و فوجئت و غيري بالرأي الذي أطلقه الدكتور النجار حول اعتقاده بمشروعية الإنتخابات الفرعية و أن الدستور لم يجرمها و لم يعاقب عليها ، و رغم أن الدستور الكويتي أصبح كما يبدو لي " حماّل أوجه " ، بإعتبار أن نصوصه قد أتت مجرده و عمومية ، تاركة التفصيل و التشريع للمشرع العادي بالأداة القانونية المناسبة سواء أكانت مرسوم بقانون أو أمر أميري أو أية أداة أخرى ، إلا أنه لو مددنا الأمر على استقامته و ضرورة أن يكون كل تصرف قانوني مذكور في الدستور لتحول الدستور إلي مجلدات عملاقة تنأى به عن كونه أداة لتحديد الإطار القانوني بدلا" من الدخول في تفاصيل ليس هو مجالها .

هذه واحدة ... و الثانية ، أن هذه الإنتخابات التي جرّمها المشرع و وافق عليها مجلس الأمة و الحكومة ، هي نتاج قانون يجب احترامه و تطبيقه ، و من يرغب في تعديله عليه أن يسلك السبيل القانوني لذلك و ليس مخالفته و الإصرار على هذه المخالفة .

هذه ثانية ... و الثالثة ، هذه الإنتخابات قد نقبلها و قد نفهمها لو أنها وضعت لإختيار الأفضل من الناحية السياسية و العملية و أن يكون حق المشاركة فيها مفتوح للجميع دون استثناء ، و لكن من غير المقبول أو المفهوم أن يكون أساس المشاركة فيها بل و العمود الفقري في الدخول إليها هو الإنتماء المذهبي فقط أو القبلي أو حتى العائلي ، فتطبيق هذا المبدأ يعني مخالفة صريحة و واضحة ليس لنصوص دستورية مثل المادة (108) التي تنص على أن : " عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها و ليس طائفة أو قبيلة " بل هو مخالف أيضا" للمذكرة التفسيرية التي لها قوة الإلزام كمواد الدستور ، فليس بخاف على أحد إن الوصول إلي عضوية مجلس الأمة هو بهدف التشريع و المراقبة ، و هو جزء من سلطة الحكم و هي مسئولية خطيرة أن تتحول هذه الإنتخابات إلي ما يشبه الإلتزام الحزبي القائم على الطائفة أو القبيلة أو العائلة بدلا" من اعتماده على المبادئ و الأفكار و البرامج الإنتخابية و الولاء للوطن ، و هذا هو بالضبط ما عنته المذكرة التفسيرية حين أوردت : " ... هذه المسئولية هي التي يخشى أن تجعل من الحكم هدفا" لمعركة لا هوادة بها بين الأحزاب بل و تجعل من هذا الهدف سببا" رئيسيا" للإنتماء إلي هذا الحزب أو ذاك ، و ليس أخطر على سلامة الحكم الديمقراطي من أن يكون هذا الإنحراف أساسا" لبناء الأحزاب السياسية في الدولة بدلا" من البرامج و المبادئ " ، و هذا الذي أوردته المذكرة التفسيرية ، مع القياس في ما يحدث الآن من الإنتماء إلي إتجاهات هي في حقيقتها أحزاب تقوم على الإنتماء الطائفي و القبلي و العائلي بدلا" من البرامج و المبادئ و هو ذاته الذي نخشى منه على الممارسة الديمقراطية في الكويت ، و يا دكتور غانم ، إذا كانت حجة المعارضين لقانون الإنتخابات الفرعية هي ذات حجتك بإعتباره مخالفا" للدستور ، فالطريق إلي تعديله يكون باللجوء إلي المحكمة الدستورية و ليس بمخالفته و حمل السلاح لحمايته أو أن نسمع من إعلامي و أستاذ علوم سياسية قولا" يدافع عن قانونيته ، مهما كانت النوايا سليمة ، و يا دكتور غانم ... ألم يقولوا أن الطريق إلي جهنم محفوف دوما" بالنوايا الحسنة ؟؟

صلاح الهاشم
salhashem@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق